للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الميت الذي حال بينه وبين ماله؟ وهذا صحيح؛ فأنت وإن بَرِئَت ذِمَّتك بأداء المال إلى مُستَحِقِّه بعد موت صاحِبه، لكن المُشكِل أن صاحبه حِيل بينه وبينه في حال حَياته، لو كان عنده لاشتَرى بيتًا، أوِ اشتَرى سَيَّارة، أو تَزوَّج، فحُلْت بينه وبينه، فهل يَسقُط عنك حقُّه بتَوْبتك أم لا؟

نَقول: ظاهِر الآيات الكريمة: أنه يَسقُط حقُّه عنك أنت، لكن الله تعالى يُوفِّيه من عنده؛ لأنك الآنَ لا تَستَطيع أن تَتَوصَّل إلى هذا الميتِ لتُعطِيَه حقَّه، والذي تَستَطيعه أن تُؤدِّيَه إلى ورَثته وقد فعَلْت.

مثالٌ آخَرُ: أخَذْت مالًا من شَخْص، ثُمَّ نَسِيت الشخص، ثُم تُبْت، فما هو الطريق إلى التوبة، أو الخُروج من حَقِّ الرجُل؟

الجَواب: أتصدَّق به عنه، وإذا تَصدَّقت به عنه استَفاد من هذا المالِ في الآخِرة.

لكن قد يَقول قائِل: لكنك حُلْت بينه وبينه في الدنيا، وقد يَكون له غرَضٌ في المال في الدنيا.

فأَقول: نعَمْ، أنا حُلْت بينه وبينه في الدنيا، لكِنْ عَجْزًا مِنِّي أن أَصِل إليه، والذي قَدَرْته من التَّوْبة فعَلْته، وهو الصَّدَقة به عنه؛ فهل يَبرَأ بَراءةً تامَّة بحيث لا يُطالِبه صاحِب المال في الآخِرة؟ الجَوابُ: نَقول ظاهِر النُّصوص: نعَمْ، يَبرَأ.

مثالٌ آخَرُ: قتَلْت نَفْسًا، ثُم تُبْتَ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ من قَتْل النفس، فمِن تمَام توبتك أن تُسلِّم نَفْسك لوَرَثة المَقتول، تَقول: أنا الذي قتَلْت صاحِبَكم، وأنا الآنَ بين أيديكم. فإذا سلَّمْت نَفْسَك له بَرِئَت ذِمَّتك، لكن يَبقَى عندنا حقُّ المَقتول الذي حُلْت بينه وبين بَقائه في الدُّنيا، فهل تَبرَأ منه بالتَّوْبة؟

<<  <   >  >>