فهُنا ذكَر الله تعالى القَتْل، وذكَر الشِّرْك، وذكَر الزِّنا، وأَخبَر أن مَن تاب وآمَن وعمِل عمَلًا صالِحًا فيُعطَى زِيادةً على تَوْبته بأن يُبدِّل الله تعالى سيِّئاتِه حَسَناتٍ.
ومن السُّنَّة: ما قصَّه علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجُلٍ أَسرَف على نَفْسه فقَتَل تِسعًا وتِسْعين نَفْسًا، ثُم سأَل عابِدًا من العُبَّاد: هل له من تَوْبة وقد قتَل تِسْعًا وتِسْعين نفسًا؟ فاستَعظَم العابِد هذا الذَّنبَ، وقال: ليس لك تَوْبة، تَقْتُل تِسعًا وتِسْعين نَفْسًا، ثُمَّ تَأتِي لتَقول: لي تَوْبة؟! ليس لك تَوْبة! فأَكمَل به المئة فقتَلَه، فأَتَمَّ به المئة؛ ثُمَّ دُلَّ على عالِمٍ، فسَأَله قال: إنه قتَل مئة نَفْس فهل له من تَوْبة؟ قال: نعَمْ، ومَن يَحول بينَك وبين التَّوْبة؟!
وهذا يَدُلُّكم على فَضْل العِلْم، وعلى قُبْح الجَهْل، فالجاهِل جنَى على نَفْسه، وأَيَّس هذا الآخَرَ من رحمة الله تعالى، فكان جَزاؤُه أن قُتِل.
فقال له العالِم: نعَمْ، ومَن يَحول بينك وبين التَّوْبة، ولكن أنت في قَرْيةٍ أهلُها ظالِمون اذهَبْ إلى القَرية الفُلانية - يَعنِي: فإنها مَرتَعٌ خَصْب لك - فذهَب، وفي أثناء الطريق جاءَه المَوْت، فأَرسَل الله تعالى إليه مَلائِكة الرحمة ومَلائِكة العَذاب فتَنازَعوا، فمَلائِكة الرحمة تَقول: أنا أَقبِض رُوحه؛ لأن الرجُل جاء تائِبًا مُهاجِرًا، ومَلائِكة العَذاب قالت: أنا أَقبِض رُوحه؛ لأن الرجُل مُسرِف ولم يَصِل إلى بلده الذي هاجَر إليها.
فأَرسَل الله تعالى إليهم حَكَمًا يَحكُم بينهم، وقال: قيسوا ما بين القَرْيتين فإلى أَيَّتِهما كان أقرَبَ فهو من أهلها، فقاسوا فوجَدوه أقرَبَ إلى القَرية الصالِحة بقليل