إنه الحذف "لأن الحذف إذا تجرد عن تغيير حكم من أحكام ما بقى بعد الحذف لم يسم مجازاً. وحكم الزيادة - عند عبد القاهر - حكم الحذف، فإذا لم يحدث الزائد حكماً جديداً في الكلمة، فإنها لا تسمى مجازاً، وذلك كزيادة (ما) في قوله تعالى: "فبما رحمة من الله"، وذلك لأن حقيقة الزيادة في الكلمة هي: أن تعرى من معناها، ونذكر، ولا فائدة لها سوى الصلة، ويكون سقوطها، وثبوتها سواء.
ومحال أن يكون ذلك مجازاً، لأن المجاز هو: أن يراد بالكلمة غير ما وضعت له في الأصل أو يزاد فيها، أو يوهم شيء ليس من شأنها، كإيهامك بظاهر النصب في القرية: أن السؤال واقع عليها، والزائد الذي سقوطه كتبوته، لا يتصور فيه ذلك.
وإذا أحدث الزائد حكماً نزول به الكلمة عن أصلها: جاز - حيئنذ أن يوصف ذلك الحكم، أو ما وقع فيه بأنه مجاز، وذلك كقولك في نحو قول الله تعالى: "ليس كمثله شيء" إن الجر في المثل مجاز، لأن أصله النصب؛ والجر حكم عرض من أجل زيادة الكاف.
وقد أفاد ابن الأثير من باب الفرق بين الحقيقة والمجاز، في خصائص ابن جنى إفادة كبيرة:
وذلك لأنه لما رأى ابن جنى يقول: "إن المجاز يقع ويعدل إليه عن عن الحقيقة لمعان ثلاثة؛ وهي: الإتساع، والتوكيد، والتشبيه، فإن عدمت هذه الأوصاف كانت الحقيقة ألبته"؛ أخذ أقسام المجاز، أو تقسيمه من عبارة ابن جنى فقسم المجاز إلى: توسع في الكلام، وتشبيه، ولكنه لما وجد ابن جنى قد مثل للمجاز بما فيه استعارة، كما في (قرعت ظنابيب الهوى (و (غمر الرداء) و (وجه كأن الشمس حلت رداءها)، أدرك خطأ تقسيمه، فقال متردداً: "وإن شئت قلت: إن المجاز ينقسم إلى: توسع