للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهما شهابان منا، ظهرا قليلاً ثم غابا، وكان ضياؤهما هداية للذين يخترقون حجاب الليل.

والشاهد في الأبيات قولها: (هما يلبسان المجد) فقد قدمت المسند إليه - وهو ضمير المثنى: (هما) تقصد ولديها - على الخبر الفعل - وهو يلبسان المجد - لتقوية هذا الخبر وتأكيده، قضاء لحق المدح لولديها اللذين قد فجعت فيهما معاً.

والأمر الثاني الذي يفيده تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي: هو تخصيص الفعل بالمسند إليه، يعني أن الفعل خاص به لا يتعداه إلى غيره، وذلك إذا دلت قرينة الحال على ذلك:

ومثال ذلك أن تقول: أنا كتبت في معنى فلان، وأنا شفعت عنده تريد أن تدعي الإنفراد بذلك، وترد على من زعم أن ذلك قد كان من غيرك أو أن غيرك قد كتب فيه كما كتبت، وشفع عنده كما شفعت.

ومما هو بين في إفادة التخصيص: قول الله تعالى: "هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ" (١)، أي: لم ينشئكم منها إلا الله تعالى. قوله تعالى: "اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ" (٢)، أي: لا يبسط الرزق إلى الله تعالى.

وقوله تعالى: "ومِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ" (٣).

ومن المبين - أيضاً - في هذا من فصيح الشعر: قول عبد الرحمن بن الحكم


(١) هود: ٦١.
(٢) العنكبوت: ٦٢.
(٣) التوبة: ١٠١.

<<  <   >  >>