والشاهد في الأبيات قوله:(هم خلطوني بالنفوس) وقوله: (هم يفرشون اللبد) فقد قدم المسند إليه في كلا الموضعين - على الخبر الفعلي الذي أراد إثباته لهم - وهو أنهم خلطوه بأنفسهم، وأنزلوا منهم منزلة أنفسهم، وأنهم يعتقدون صهوات الخيل الأصيلة - لتأكيد هذا الحكم وتقويته، قضاء لحق المدح لقوم أكرموه إكراماً لا مزيد عليه.
وهذه عمرة الخثعمية، ترثي ابنيها، وتعدد محاسنهما في حياتهما، فتقول (١):
لقد زعموا أني جزعت عليهما ... وهل جزع أن قلت: وابأباهما؟ !
هما أخوا في الحرب من لا أخاله ... إذا خاف يوماً نبوة فدعاهما ...
هما يلبسان المجد أحسن لبسة ... شحيحان ما اسطاعا عليه كلاهما
شهابان منا أوقدا ثم أخمدا ... وكان سنا للمدلجين سناهما
تقول الشاعر: لقد زعم الناس أنني جزعت على ولدي حق الجزع، وهل يجزع على ولديه حق الجزع من يقول: وابأباهما؟ ! أي بأبي وأمي أفديهما؟ !
لقد كانا غوث من لا غوث له، إذا خاف ضعفاً أو ظلماً دعاهما، فيحسبانه وينصرانه، ولقد كان المجد لباسهما يستأثران به على غيرهما،