(١) أن يكون بين الجملتين: (كمال الاتصال)، وذلك بأن تكون الجملة الثانية توكيدًا للأولى وذلك كقول المتنبي:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعرًا أصبح الدهر منشدًا
فالجملة الثانية- وهي:(إذا قلت شعرًا أصبح الدهر منشدًا) توكيد للجملة الأولى، وهي:(وما الدهر إلا من رواة قصائدي)، فمعنى الجملتين واحد.
ومنه قول الله تعالى:{مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ}[يوسف: ٣١]، فجملة:{إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} توكيد لجملة: {مَا هَذَا بَشَراً}، لأن إثبات كونه ملكًا توكيد لنفي كونه بشرًا.
أو بأن تكون الجملة الثانية بيانًا للأولى، نحو قول أبي العلاء:
الناس للناس من بدو وحاضرةٍ ... بعضٌ لبعض -وإن لم يشعروا- خدم
فالجملة الثانية، وهي:(بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم) جاءت لتوضح الجملة الأولى، وهي:(الناس للناس من بدو وحاضرة) فهي بيان لها.
ومنه قوله تعالى:{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى}[طه: ١٢٠] فالجملة الثانية، وهي:{قَالَ يَا آدَمُ} بيان للجملة الأولى، وهي:{فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ}.
أو بأن تكون الجملة الثانية بدلاً من الجملة الأولى، نحو قوله تعالى: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الأنعام: ١٣٢ - ١٣٤] فجملة: {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ} يدل بعض من جملة: {أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ} إذ الأنعام والبنون بعض ما يعلمون، ومنه قول الشاعر:
أقول له: ارحل، لا تقيمن عندنا ... وإلا فكن في السر والجهر مسلمًا
فقوله:(لا تقيمن عندنا) بدل اشتمال من قوله: (ارحل).