ومعنى الحديث: أن الله سبحانه وتعالى خص نبيه من بين سائر المؤمنين بأن أي امرأة وهبت نفسها له فله أن ينكحها. فعند نزول الآية المذكورة قالت عائشة: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. ومعناه كما قال ابن حجر: (أي ما أرى الله إلا موجداً لما تريد بلا تأخير، منزلا لما تحب وتختار. وقال القرطبي: هذا قول أبرزه الدلال والغيرة، وهو من نوع قولها: ما أحمدكما ولا أحمد إلا الله. وإضافة الهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يحمل على ظاهره لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا يفعل بالهوى، ولو قالت إلى مرضاتك لكان أليق، ولكن الغيرة يغتفر لأجلها إطلاق مثل ذلك. وهذا الحديث دليل على عفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم شهوانيته، لأن الله أباح له أي امرأة تهب نفسها له، وجاءه كثير من النساء وعرضن أنفسهن عليه وردهن، فقد أخرج الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له. (انظر: تفسير الطبري: ٢٠/ ٢٨٥/ في صدد تفسيره الاية (٥٠ من سورة الاحزاب)، قال ابن حجر في الفتح: وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان مباحاً له، لأنه انظر إلى إرادته لقوله تعالى (إن أراد النبي أن يستنكحها). والله أعلم. (انظر: صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة الأحزاب، الحديث رقم (٤٥٠٦): ٨/ ٣٧٨). (٢) انظر: تفسير القرطبي: ٢/ ٢٥. (٣) صفوة التفاسير: ١/ ٦٨. (٤) التفسير البسيط: ٣/ ١٣٢ - ١٣٣. (٥) انظر: تفسير القرطبي: ٢/ ٢٥. (٦) تفسير البيضاوي: ١/ ٩٣. (٧) تفسير أبي السعود: ١/ ١٢٧. (٨) التحرير والتنوير: ١/ ٥٩٨. (٩) تفسير الراغب الأصفهاني: ١/ ٢٥٦. (١٠) صفوة التفاسير: ١/ ٦٨. (١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٩١): ص ١/ ١٧٠. (١٢) تفسير أبي السعود: ١/ ١٢٧. (١٣) التفسير البسيط: ٣/ ١٣٣. (١٤) تفسير البيضاوي: ١/ ٩٣.