للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبلغ أبا يحيى إذا ما لقيته ... على العيس في آباطها عَرَق يَبْسُ

بأن السُّلامِيَّ الذي بِضَرِيَّة ... أميرَ الحمى، قد باع حَقِّي بني عبسِ

بثوب ودينار وشاة ودرهم ... فهل هو مرفوع بما ههنا رَأْسُ

فأوليت (هل) (هو) لطلبها الاسم العماد.

و(المحرم): الممنوعٌ منه، والحرامُ: كلُّ ممنوع من فعله، ومن ذلك: البلد الحرام، والبيت الحرام؛ لأنه كان يمنع فيه ما هو مُبَاح في غيره، ورَجل مُحْرِم وحرام: إذا مَنَع نفسه ممّا يحظره الإحرام، والحُرُمات: كُلّ ما مُنِعَ ارتكابُه، وتقول: قد تَحَرَّمت بطعامك، أي: حَرُم عليك بهذا السبَب ما كان لك أخذه، والمحروم: الممنوع ما ناله سواه. وقول زُهَير (١):

يقول لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ ... وإن أتاه خليلٌ يومَ مسألةٍ

أي: ليس بممنوع (٢).

قوله تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكتاب وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: ٨٥]، "أي: أفتؤمنون ببعض أحكام التوراة وتكفرون ببعض؟ " (٣).

قال السدي: " كان إيمانهم ببعض الكتاب حين فدوا الأسارى" (٤).

قال ابن عباس: " أي تفاديه بحكم التوراة، وتقتله. وفي حكم التوراة ألا تفعل" (٥).

وقال أبو العالية: " آمنوا بالفدية ففدوا وكفروا بالإخراج من الديار فأخرجوا" (٦).

وقال عطاء الخراساني: " فكفرهم أنهم كانوا يقتلون أبناءهم وأنفسهم. وإيمانهم أنهم كانوا يرون حقا عليهم أن يفادوا من وجدوا منهم أسيرا" (٧).

وقال الثعلبي: " فأيمانهم بالفداء وكفرهم بالقتل والإخراج والمظاهرة" (٨).

قال ابن عثيمين: "والاستفهام هنا للإنكار، والتوبيخ؛ والفاء في قوله تعالى: {أفتؤمنون} عاطفة؛ وسبق الكلام على مثل ذلك؛ أعني وقوع العاطف بعد همزة الاستفهام (٩)؛ ووجه كونهم يؤمنون ببعض الكتاب،


(١) ديوانه: ٧٩.
(٢) انظر: هذيب اللغة: ١/ ٧٩٣ - ٧٩٧، ولسان العرب: ٢/ ٨٤٤، مادة (حرم)، والتفسير البسيط: ٣/ ١٢٦.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٦٦.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٦٩): ص ١/ ١٦٦، وعنه أيضا (٨٧١): ص ١/ ١٦٦: " كان إيمانهم ببعض الكتاب حين فدوا الأسارى وكفرهم حين قتل بعضهم بعضا".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٧٠): ص ١/ ١٦٦.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٧٢): ص ١/ ١٦٦.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٨٧٣): ص ١/ ١٦٦.
(٨) تفسير الثعلبي: ١/ ٢٣١.
(٩) يقصد به الفاء واقعة بعد همزة الاستفهام؛ وهذا يكثر في القرآن: {أفلا تعقلون}؛ {أفلا تذكرون}؛ {أفلم يسيروا}؛ {أو لم يسيروا}؛ {أثم إذا ما وقع آمنتم به}؛ وأشباه ذلك؛ يعني أنه يأتي حرف العطف بعد همزة الاستفهام؛ وهمزة الاستفهام لها الصدارة في جملتها؛ ولا صدارة مع وجود العاطف؛ لأن الفاء عاطفة؛ فقال بعض النحويين: إن بين الهمزة وحرف العطف جملة محذوفة عُطفت عليها الجملة التي بعد حرف العطف، وهذه الجملة تقدر بما يناسب المقام؛ وقال آخرون: بل إن الهمزة مقدمة؛ وإن حرف العطف هو الذي تأخر. يعني زُحلق حرف العطف عن مكانه، وجعلت الهمزة مكانه؛ وعلى هذا فيكون التقدير: فألا تعقلون؛ أما على الأول فيكون التقدير: أجهلتم فلا تعقلون؛ أو: أسفهتم فلا تعقلون ... المهم يقدر شيء مناسب حسب السياق؛ فالقول الأول أدق؛ والثانية أسهل؛ لأن الثاني لا يحتاج عناءً وتكلفاً فيما تقدره بين الهمزة والعاطف. (انظر: تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>