للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [آل عمران: ١٨٧]، قال ابن عباس: سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فخرجوا قد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه" (١).

الثاني: أخرج الشيخان في صحيحهما (٢) عن أبي سعيد الخدري: " أن رجالاً من المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إلى الغزو تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إليه وحلفوا، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} " (٣).

والثالث: أخرج الطبري وعبدالرزاق (٤)، عن مسلم البطين قال: "سأل الحجاج جلساءه عن هذه الآية: {لا تحسبن الذي يفرحون بما أتوا}، قال سعيد بن جبير: بكتمانهم محمدًا {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا}، قال: هو قولهم: نحن على دين إبراهيم عليه السلام" (٥).

والرابع: ذكر ابن إسحاق عن عكرمة: " {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب} إلى قوله: {ولهم عذاب أليم}، يعني فنحاصا وأشيع وأشباههما من الأحبار، الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زيَّنوا للناس من الضلالة، {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا}، أن يقول لهم الناس علماء، وليسوا بأهل علم، لم يحملوهم على هدى" (٦).

والخامس: أخرج الطبري وعبدالرزاق (٧) عن قتادة: "إن أهل خيبر أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا: إنا على رأيكم وسنتكم، وإنا لكم رِدْء (٨)، فأكذبهم الله فقال: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}، الآيتين" (٩). وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن نحو ذلك (١٠).

والسادس: ذكر الواحدي عن الضحاك: "كتب يهود المدينة إلى يهود العراق واليمن ومن بلغهم كتابهم من اليهود في الأرض كلها أن محمدا ليس نبي الله فاثبتوا على دينكم وأجمعوا كلمتكم على ذلك، فأجمعت كلمتهم على الكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - والقرآن، ففرحوا بذلك وقالوا: الحمد لله الذي جمع كلمتنا ولم نتفرق ولم نترك ديننا، وقالوا: نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله، فذلك قول الله تعالى: {يفرحون بما أتوا} بما فعلوا {ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا} يعني بما ذكروا من الصوم والصلاة والعبادة" (١١).

والسابع: أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: كان في بني إسرائيل رجال عباد فقهاء، فأدخلتهم الملوك، فرخصوا لهم وأعطوهم، فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من قولهم، وما أعطوا فأنزل الله عز وجل: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} " (١٢).

والسببان الأول والثاني، هما المعول عليهما في سبب نزول هذه الآية، وأما الأسباب الأخرى، فهي لا يعول عليها من جهة السند.


(١) المسند الجامع (٦٨١٤): ص ٩/ ٤١٦ - ٤١٧.
(٢) انظر: صحيح البخاري (٤٥٦٧): ص ٦/ ٥٠.، وصحيح مسلم (٧١٣٤): ص ٨/ ١٢١.
(٣) المسند الجامع (٤٦٢١): ص ٦/ ٤٥٧ ..
(٤) تفسير عبدالرزاق (٤٩٢): ص ١/ ٤٢٦.
(٥) تفسير الطبري (٨٣٤٣): ص ٧/ ٤٦٨.
(٦) تفسير الطبري (٨٣٣٨): ص ٧/ ٤٦٦، وانظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٦٥٠): ص ٣/ ٨٤٠، والعجاب: ٢/ ٨١٤.
(٧) تفسير عبدالرزاق (٤٩٧): ص ١/ ٤٣٠.
(٨) الردء: العون والناصر، ينصره ويشد ظهره.
(٩) أخرجه الطبري (٨٣٥٠): ص ٧/ ٤٧١.
(١٠) تفسير ابن أبي حاتم (٤٦٥١): ص ٣/ ٨٤٠.
(١١) أسباب النزول: ١٣٨.
(١٢) تفسير ابن أبي حاتم (٤٦٤٤): ص ٣/ ٨٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>