للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن غضبه عليهم هو ذَمُّهُ لهم لأفعالهم.

والرابع: أنه نوع من العقوبة سُمِّيَ غضباً، كما سُمِّيَتْ نِعَمُهُ رَحْمَةً.

قال الطبري: " فكلّ حائدٍ عن قَصْد السبيل، وسالكٍ غيرَ المنهج القويم، فضَالٌّ عند العرب، لإضلاله وَجهَ الطريق. فلذلك سمى الله جل ذكره النصارَى ضُلالا لخطئهم في الحقِّ مَنهجَ السبيل، وأخذهم من الدِّين في غير الطريق المستقيم.

فإن قال قائل: أوَ ليس ذلك أيضًا من صفة اليهود؟

قيل: بلى!

فإن قال: كيف خَصّ النصارَى بهذه الصفة، وَخصّ اليهودَ بما وصفَهم به من أنهم مغضوب عليهم؟

قيل: كلا الفريقين ضُلال مغضوبٌ عليهم، غيرَ أن الله جلّ ثناؤه وَسم كل فريق منهم من صِفَته لعباده بما يعرفونه به، إذا ذكرهُ لهم أو أخبرهم عنه. ولم يسمِّ واحدًا من الفريقين إلا بما هو له صفةٌ على حقيقته، وإن كان له من صفاتِ الذمّ زياداتٌ عليه" (١).

واختلفت القراءة في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)} [الفاتحة: ٧]، على وجوه (٢):

أحدها: (سراط)، قراءة ابن كثير، وقنبل، وابن محيصن، والشنبوذي.

والثاني: (صراط): إشمام الصاد الزاي، قراءة حمزة، والمطوعي، وخلف.

والثالث: (صراطَ مَنْ)، قراءة شاذة لابن مسعود، وعمر، وابنالزبير، وزيد بن علي.

والرابع: (عليهِمْ)، بكسر الهاء وجزم الميم، قرأ بها نافع، ابن كثير، أبو عمرو، ابن عامر، عاصم، حمزة، الكسائي، ورش، خلاد، قنبل، خلف.

والخامس: (عليْهُمْ)، بضم الهاء وجزم الميم، قرأ بها حمزة، ويعقوب، والطوعي، والشنبوذي، والأعمش.

والسادي: (عليْهُمُ)، بضم الهاء والميم من غير إلحاق واو، قرأ بها ابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر.

والسابع: (عليْهُمُو)، بكسر الهاء وضم الميم وإلحاق الواو، قراءة ابن كثير، وقالون، والخفاف عن أبي عمرو، وأبو جعفر، وابن أبي إسحاق، الأعرج، وابن محيصن.

والثامن: (عليْهِمُو)، قرأ بها الأعرج، وعبدالله بن عطاء الخفاف عن أبي عمرو، والحسن البصري.

والتاسع: (عليْهِمِي)، قراءة شاذة للحسن البصري.

والعاشر: (غيرِ)، بالجر، قرأ بها نافع، ابن كثير، أبو عمرو، ابن عامر، عاصم، حمزة، الكسائي.

الحادي عشر: (غيرَ)، بالنصب على الحال، قرأ بها أبي بن كعب، وابن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وروى الخليل عن ابن كثير. وهي قراءة شاذة.

الثاني عشر: (وغيْرِ)، قرأ بها أبي بن كعب، وعلي بن أبي طالب، وهي قراءة شاذة.


(١) تفسير الطبري: ١/ ١٩٥.
(٢) انظر: السبعة في القراءات: ١٠٨، والحجة للقراء السبعة: ١/ ٥٨ وما بعدها، والدر المنثور: ١/ ٤١، والبحر المحيط: ١/ ١٤، وتفسير الثعلبي: ١/ ١٢٢ - ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>