للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري: " وأما علة من قال بقول الشعبي والقاسم وسالم: أن الله تعالى ذكره جعل الأجل الذي حدَّه للمُولي مخرجًا للمرأة مِن سوء عشرتها بعلها إياها وضراره بها. وليست اليمين عليها بأن لا يجامعها ولا يقرَبها، بأولى بأن تكون من معاني سوء العشرة والضِّرار، من الحلف عليها أن لا يكلمها أو يسوءَها أو يغيظها. لأن كل ذلك ضررٌ عليها وسوء عشرة لها" (١).

والراجح هو "قولُ من قال: كل يمين منَعت المقسم الجماعَ أكثر من المدة التي جعل الله للمولي تربُّصَها، قائلا في غضب كان ذلك أو رضًا. وذلك للعلة التي ذكرناها قبل لقائلي ذلك" (٢). والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: ٢٢٦]، أي: فإن"رجعوا عن اليمين بالوطء" (٣).

قال القاسمي: " أي: رجعوا إلى بقاء الزوجية واستدامة النكاح" (٤).

قال الماوردي: " والفيء: والرجوع من حال إلى حال" (٥).

قال القرطبي: " معناه رجعوا، ومنه {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩]، ومنه قيل للظل بعد الزوال: فيء، لأنه رجع من جانب المشرق إلى جانب المغرب، يقال: فاء يفيء فيئة وفيوءا. وإنه لسريع الفيئة، يعني الرجوع، قال (٦):

فَفاءَتْ وَلَمْ تَقْضِ الَّذِي أَقْبَلَتْ لَهُ ... وَمِنْ حَاجَةِ الإنْسَانِ مَا لَيْسَ قَاضِيَا " (٧)

وقد اختلف العلماء فيما يكون به المولي فائيا، على أقوال (٨):

أحدها: أنه لا يكون فائيًا إلا بالجماع. وهذا قول ابن عباس (٩)، ومسروق (١٠)، وعامر (١١)، وسعيد بن جبير (١٢)، والشعبي (١٣)، وسعيد بن المسيب (١٤)، والحكم (١٥).

وهو قول من قال إن المُوِلَي هو الحالف على الجماع دون غيره (١٦).

قال الطبري: " وأما قولُ من رأى أنّ الفيء هو الجماع دون غيره، فإنه لم يجعل العائقَ له عذرًا، ولم يجعل له مخرجًا من يمينه غيرَ الرجوع إلى ما حلف على تركه، وهو الجماع" (١٧).

والثاني: أن الجماع لغير المعذور، والنية بالقلب. وهذا قول الحسن (١٨)، وعكرمة (١٩)، وأبي وائل وإبراهيم (٢٠)، وأبي الشعثاء (٢١)، وسعيد بن المسيب (٢٢)، والربيع (٢٣)، وحماد (٢٤)، علقمة (٢٥).


(١) تفسير الطبري: ٤/ ٤٦٤.
(٢) تفسير الطبري: ٤/ ٤٦٥.
(٣) تفسير البغوي: ٤/ ٢٦٥.
(٤) محاسن التأويل: ٢/ ١١١.
(٥) النكت والعيون: ١/ ٢٨٨.
(٦) البيت لسحيم عبد بني الحساس، انظر: ديوانه: ١٩ وحماسة ابن الشجري: ١٦٠ وغيرهما من قصيدته الغراء العجيبة. والضمير في قوله: " ففاءت " إلى صاحبته التي ذكرها وذكر ما بينه وبينها. ورواية الطبري وابن الشجري أحب إي من رواية الديوان: " ولم تقض الذي هو أهله ". يقول: عادت إلى أهلها وقد أضاعت ما كانت مزمعة أن تفعله، أنساها حبه وغزله ما كانت نوته وإرادته. فيعزيها بأن المرء ربما طلب قضاء شيء ويشاء الله غيره فإذا هو لا يقتضيه.
(٧) تفسير القرطبي: ٣/ ١٠٨.
(٨) انظر: النكت والعيون: ١/ ٢٨٩، وتفسير الطبري: ٤/ ٤٦٦ وما بعدها.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٤٥٠٩): ص ٤/ ٤٦٦.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٤٥١٣): ص ٤/ ٤٦٧.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٤٥١٥): ص ٤/ ٤٦٧.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٤٥١٧): ص ٤/ ٤٦٧.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (٤٥٢٤): ص ٤/ ٤٦٨.
(١٤) انظر: تفسير الطبري (٤٥٢٢): ص ٤/ ٤٦٨.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٤٥٢٤): ص ٤/ ٤٦٨.
(١٦) انظر: النكت والعيون: ١/ ٢٨٩.
(١٧) تفسير الطبري: ٤/ ٤٧٣.
(١٨) انظر: تفسير الطبري (٤٥٢٥)، و (٤٥٢٧): ص ٤/ ٤٦٨ - ٤٦٩.
(١٩) انظر: تفسير الطبري (٤٥٢٥): ص ٤/ ٤٦٨.
(٢٠) انظر: تفسير الطبري (٤٥٢٨): ص ٤/ ٤٦٩.
(٢١) انظر: تفسير الطبري (٤٥٢٩): ص ٤/ ٤٦٩.
(٢٢) انظر: تفسير الطبري (٤٥٣٩): ص ٤/ ٤٧١.
(٢٣) انظر: تفسير الطبري (٤٥٤٠): ص ٤/ ٤٧١.
(٢٤) انظر: تفسير الطبري (٤٥٣٨): ص ٤/ ٤٧٠ - ٤٧١.
(٢٥) انظر: تفسير الطبري (٤٥٣٢): ص ٤/ ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>