للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني بـ (عرضتها): قوتها وشدتها (١).

وقال عبدالله بن الزَّبير (٢):

فهذِي لأَيّامِ الحُرُوبِ وَهَذِه ... للَهْوِي وهذِي عُرْضَةٌ لارْتِحالِنا

ومثله قول أوس بن حجر (٣):

وأدماء مثل العجل يوما عرضتها ... لرحلى وفيها جرأة وتقاذف

قال الطبري: " (العُرْضة)، في كلام العرب، القوة والشدة. يقال منه: " هذا الأمر عُرْضة لك " يعني بذلك: قوة لك على أسبابك، ويقال: " فلانة عُرْضة للنكاح"، أي قوة (٤).

والثالث: أن (العرضة): الهمة، ومنه قول حسان (٥):

وقال الله قد يسرت جندا ... هم الأنصار عرضتها اللقاء

أي همتها ويقال فلان عرضة للناس لا يزالون يقعون فيه.

والرابع: أن (العرضة): أي الحاجز والمانع للشيء.

قال الزمخشري: " ما تعرضه دون الشيء من عرض العود على الإناء فيعترض دونه ويصير حاجزاً ومانعاً منه. تقول: فلان عرضة دون الخير" (٦).

قال البغوي: " والعرضة: أصلها الشدة والقوة ومنه قيل للدابة التي تتخذ للسفر عرضة، لقوتها عليه، ثم قيل لكل ما يصلح لشيء هو عرضة له حتى قالوا للمرأة هي عرضة النكاح إذا صلحت له والعرضة كل ما يعترض فيمنع عن الشيء" (٧).

والخامس: أن (العرضة) أيضاً: المعرض للأمر (٨). قال الشاعر (٩):

دَعُونِي أَنُحْ مِنْ قَبْلِ نَوْحِ الْحَمَائِمِ ... ولَا تَجْعَلُونِى عُرْضَةً لِلَّوَائِمِ

يريد: اتركوني أنح من الشوق ولا تجعلوني معرضا للوم اللوائم (١٠).

و(اليمين): "أصله العضو، واستعير للحلف لما جرت به العادة في تصافح المتعاقدين، وعلى هذا قال الشاعر (١١):

قلتُ كَفِّي لكِ رَهْنٌ بالرضى ... وازعُمي يا هندُ قالتْ قد وَجَبْ فوضع

الكف: موضع اليمين" (١٢).


(١) انظر: تفسير الطبري: ٤/ ٤٢٤.
(٢) الزبير: بفتح الزاي، الأسدي، كوفي، له نظم بديع، توفي زمن الحجاج، انظر: السير: ٣/ ٣٨٣، والبيت في الدر المضون: ٢/ ٤٥٩، واللباب: ٤/ ٨٧، وتفسير القرطبي: ٣/ ٩٨.
(٣) ديوانه: ٦٤.
(٤) انظر: تفسير الطبري: ٤/ ٤٢٤.
(٥) ديوانه: ٩.
(٦) الكشاف: ١/ ٢٦٧.
(٧) تفسير البغوي: ١/ ٢٦٢.
(٨) الكشاف: ١/ ٢٦٧.
(٩) البيت من شواهد الزمخشري في الكشاف: ١/ ٢٦٧، واللباب: ٤/ ٨٨، وولم ينسباه، وقيل لأبي تمام، انظر: التحرير والتنوير: ١٤/ ١٣، ويروى: لنوح الحمائم، فهو علة للمعلل مع علته. والعرضة: المعرض للأمر، أى: ولا تجعلوني معرضا للوم اللوائم. أو المراد باللوائم: أنواع اللوم مبالغة، على حد: جد جده، لأن اللائم حقيقة فاعل اللوم.
(١٠) انظر: التفسير الوسيط للطنطاوي: ١/ ٥٠٠.
(١١) من شواهد الراغب في تفسيره: ١/ ٤٦٠.
(١٢) القائل عمر بن أبي ربيعة، كما في ديوانه: ٣٨٦ وفيه: أن كفي ... فاقبلي يا هند، واللسان: (زعم): ١٢/ ٢٦٥. وقال الراغب في تفسيره: "قالت الشاعرة"، ولم ينسبها، انظر: تفسير الراغب الأصفهاني: ١/ ٤٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>