للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحتمل (أل) في قوله تعالى: {مِنَ الْكِتَابِ} [البقرة: ١٧٤]، وجهان (١):

أحدهما: أنها للعهد، والمراد بها التوراة؛ ويكون المراد بـ {الَّذِينَ يَكْتُمُونَ} اليهود؛ لأنهم كتموا ما علموه من صفات النبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أنها للجنس؛ فيشمل جميع الكتب: التوراة، والإنجيل، وغيرها؛ ويكون {الَّذِينَ يَكْتُمُونَ} يشمل اليهود، والنصارى، وغيرهما.

قال ابن عثيمين: "وهذا الثاني أرجح، لعمومه" (٢).

قوله تعالى: {وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا} [البقرة: ١٧٤]، " أي: ويأخذون بدله عوضا حقيرا" (٣).

قال الثعلبي: أي: " عرضا يسيرا يعني المآكل التي كانوا يصيبونها من سفلتهم" (٤).

قال الزجاج: " أي كتموه لأنهم أخذوا على كتمانه الرشى" (٥).

قال ابن عثيمين: "هذا الثمن إما المال؛ وإما الجاه، والرياسة؛ وكلاهما قليل بالنسبة لما في الآخرة" (٦).

وقد اختلفوا في الشيء الذي كانوا يكتمونه، وفيه قولان (٧):

أحدهما: أنهم كانوا يكتمون صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته والبشارة به، وهو قول ابن عباس (٨)، وقتادة (٩) والسدي (١٠) والأصم (١١) وأبي مسلم (١٢).

الثاني: أنهم كتموا الأحكام، وهو قوله تعالى: {إن كثيرا من الاحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله} [التوبة: ٣٤]. قاله الحسن (١٣).

وأما غرضهم في الكتمان، ففيه قولان (١٤):

أحدهما: أخذ الأموال من عوامهم وأتباعهم. قاله الثعلبي (١٥).

والثاني: كان غرضهم من ذلك أخذهم الأموال من كبرائهم وأغنيائهم الذين كانوا ناصرين لذلك المذهب.

قال الرازي: "وليس في الظاهر أكثر من اشترائهم بذلك الكتمان الثمن القليل، وليس فيه بيان من طمعوا فيه وأخذوا منه، فالكلام مجمل وإنما يتوجه الطمع في ذلك إلى من يجتمع إليه الجهل، وقلة المعرفة المتمكن من المال والشح على المألوف في الدين فينزل عليه ما يلتمس منه فهذا هو معلوم بالعادة" (١٦).


(١) انظر: تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٢٦١.
(٢) تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٢٦١.
(٣) تفسير أبي السعود: ١/ ١٩١.
(٤) تفسير الثعلبي: ٢/ ٤٧.
(٥) معاني القرآن: ١/ ٢٤٤.
(٦) انظر: تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٢٦١.
(٧) تنظر: مفاتيح الغيب: ٥/ ٢٤.
(٨) انظر: تفسير الثعلبي: ٢/ ٤٦، ومفاتيح الغيب: ٥/ ٢٠٤.
(٩) تفسير الطبري (٢٤٩٤): ص ٣/ ٣٢٧.
(١٠) تفسير الطبري (٢٤٩٦): ص ٣/ ٣٢٨.
(١١) انظر: مفاتيح الغيب: ٥/ ٢٠٤.
(١٢) انظر: مفاتيح الغيب: ٥/ ٢٠٤.
(١٣) انظر: مفاتيح الغيب: ٥/ ٢٠٤.
(١٤) انظر: مفاتيح الغيب: ٥/ ٢٠٤.
(١٥) انظر: تفسير الثعلبي: ٢/ ٤٧.
(١٦) مفاتيح الغيب: ٥/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>