للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: قال الواحدي: " قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: "نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم، كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضول، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم، فلما بعث من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم، فعمدوا إلى صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - فغيروها ثم أخرجوها إليهم، وقالوا: هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان، لا يشبه نعت هذا النبي الذي بمكة فإذا نظرت السفلة إلى النعت المتغير وجدوه مخالفا لصفة محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا يتبعونه" (١). وذكره الثعلبي في تفسيره (٢).

الثاني: قال الثعلبي: " قال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: سئلت الملوك اليهود قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم عن الذي يجدونه في التوراة فقالت اليهود: إنا لنجد في التوراة إن الله عز وجل يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له: محمد، يحرم الزنى والخمر والملاهي وسفك الدماء، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ونزل المدينة قالت الملوك لليهود: أهذا الذي تجدون في كتابكم؟ فقالت اليهود طمعا في أموال الملوك: ليس هذا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم الملوك الأموال، فأنزل الله تعالى هذه الآية إكذابا لليهود" (٣).

والثالث: أخرج الطبري عن قتادة مرسلا: "قوله: {إنّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب}، الآية كلها، هم أهل الكتاب، كتموا ما أنزل الله عليهم وبَين لهم من الحق والهدى، من بعث محمد صلى الله عليه وسلم وأمره" (٤)، وروي عن الربيع (٥) والسدي (٦) وعكرمة (٧) وأبو العالية (٨)، نحو ذلك.

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزلَ اللَّهٍٍُ مِنَ الْكِتَابِ} [البقرة: ١٧٤]، " أي إن الذين يخفون ما أنزل الله من وحيه على رسله" (٩).

قال الصابوني: " أي يخفون صفة النبي عليه السلام المذكورة في التوراة وهم اليهود" (١٠).

قال ابن عثيمين: أي: إن الذين يخفون ما أنزل الله على رسله، إذ أن كل رسول معه كتاب من الله عز وجل يهدي به الناس، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: ٢٥].

قال ابن كثير: " يعني اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتبهم التي بأيديهم، مما تشهد له بالرسالة والنبوة" (١١).

قال الطبري: أي: " أحبارَ اليهود الذين كتموا الناس أمرَ محمد صلى الله عليه وسلم ونبوّته، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة، برُشًى كانوا أُعطوها على ذلك" (١٢).

قال السعدي: " هذا وعيد شديد لمن كتم ما أنزل الله على رسله، من العلم الذي أخذ الله الميثاق على أهله، أن يبينوه للناس ولا يكتموه" (١٣).


(١) أسباب النول: ٤٨، ضعيف جدا.
(٢) انظر: تفسير الثعلبي: ٢/ ٤٧.
(٣) تفسير الثعلبي: ٢/ ٤٦.
(٤) تفسير الطبري (٢٤٩٤): ص ٣/ ٣٢٧.
(٥) تفسير الطبري (٢٤٩٥): ص ٣/ ٣٢٧ - ٣٢٨.
(٦) تفسير الطبري (٢٤٩٦): ص ٣/ ٣٢٨.
(٧) تفسير الطبري (٢٤٩٧): ص ٣/ ٣٢٨.
(٨) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٥٣٣): ص ١/ ١٨٥.
(٩) تفسير المراغي: ٢/ ٥١.
(١٠) صفوة التفاسير: ١/ ١٠٢.
(١١) تفسير ابن كثير: ١/ ٤٨٣.
(١٢) تفسير الطبري: ٣/ ٣٢٧.
(١٣) تفسير السعدي: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>