للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومنها: أن الخبائث لا يؤكل منها؛ لقوله تعالى: {من طيبات ما رزقناكم}؛ والخبائث محرمة؛ لقوله تعالى: {ويحرم عليهم الخبائث}.

٤ - ومنها: أن ما يحصل عليه المرء من مأكول فإنه من رزق الله؛ وليس للإنسان فيه إلا السبب فقط؛ لقوله تعالى: {ما رزقناكم} [البقرة: ٥٧].

٥ - ومنها: توجيه المرء إلى طلب الرزق من الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {ما رزقناكم}؛ فإذا كان هذا الرزق من الله سبحانه وتعالى فلنطلبه منه مع فعل الأسباب التي أمرنا بها.

٦ - ومنها: وجوب الشكر لله؛ لقوله تعالى: {واشكروا لله}.

٧ - ومنها: وجوب الإخلاص لله في ذلك؛ يؤخذ ذلك من اللام في قوله تعالى: {لله}.

٨ - ومنها: أن الشكر من تحقيق العبادة؛ لقوله تعالى: {إن كنتم إياه تعبدون}.

٩ - ومنها: وجوب الإخلاص لله في العبادة؛ يؤخذ ذلك من تقديم المعمول في قوله تعالى: {إياه تعبدون}.

١٠ - ومنها: إثبات رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده من وجهين:

أولاً: من أمره إياهم بالأكل من الطيبات؛ لأن بذلك حفظاً لصحتهم.

ثانياً: من قوله تعالى: {ما رزقناكم}؛ فإن الرزق بلا شك من رحمة الله.

١١ - ومنها: الرد على الجبرية من قوله تعالى: {كلوا}، و {اشكروا}، و {تعبدون}؛ كل هذه أضيفت إلى فعل العبد؛ فدل على أن للعبد فعلاً يوجه إليه الخطاب بإيجاده؛ ولو كان ليس للعبد فعل لكان توجيه الخطاب إليه بإيجاده من تكليف ما لا يطاق.

١٢ - ومنها: التنديد بمن حرموا الطيبات، كأهل الجاهلية الذين حرموا السائبة، والوصيلة، والحام.

القرآن

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)} [البقرة: ١٧٣]

التفسير:

إنما حرم الله عليكم ما يضركم كالميتة التي لم تذبح بطريقة شرعية، والدم المسفوح، ولحم الخنزير، والذبائح التي ذبحت لغير الله، ومِنْ فَضْلِ الله عليكم وتيسيره أنه أباح لكم أكل هذه المحرمات عند الضرورة. فمن ألجأته الضرورة إلى أكل شيء منها، غير ظالم في أكله فوق حاجته، ولا متجاوز حدود الله فيما أُبيح له، فلا ذنب عليه في ذلك. إن الله غفور لعباده، رحيم بهم.

قوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} [البقرة: ١٧٣]، أي: " ما حرَّم عليكم إلا الميتة والدم ولحم الخنزير" (١).

قال الصابوني: " أي: ما حرّم عليكم إلا الخبائث كالميتة والدم ولحم الخنزير" (٢).

قال الحسن: " نعم، حرم الله الميتة والدم ولحم الخنزير" (٣).

قال ابن عثيمين: أي حرم عليكم أكلها؛ والدليل أنه حرم أكلها الآية التي قبلها: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} [البقرة: ١٧٢]؛ ثم قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ}؛ فكأنه قال: «كلوا» ثم استثنى فقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ... } أي فلا تأكلوها" (٤).


(١) تفسير الطبري: ٣/ ٣١٧. [بتصرف بسيط].
(٢) ثفوة التفاسير: ١/ ١٠٢.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (١٥١٧): ص ١/ ٢٨٣.
(٤) تفسير ابن عثيمين: ٢/ ٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>