للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: ١٦٥]، " أي وأنَّ عذاب الله شديد أليم" (١).

قال ابن عثيمين: "أي قوي العقوبة" (٢).

قال أبو حيان: " وتأخر وصفه تعالى بأنه شديد العذاب عن ذلك، لأن شدة العذاب هي من آثار القوة" (٣).

قال الآلوسي: " وفائدة هذه الجملة المبالغة في تهويل الخطب وتفظيع الأمر، فإن اختصاص {الْقُوَّةَ} به تعالى لا يوجب شدة «العذاب» لجواز تركه عفوا مع القدرة عليه" (٤).

الفوائد:

١ - من فوائد الآية: أن بعض الناس يجعل لله نداً في المحبة يحبه كحب الله؛ لقوله تعالى: {يحبونهم كحب الله}.

٢ - ومنها: أن محبة الله من العبادة؛ لأن الله جعل من سوّى غيره فيها مشركاً متخذاً لله نداً؛ فالمحبة من العبادة؛ بل هي أساس العبادة؛ لأن أساس العبادة مبني على الحب، والتعظيم؛ فبالحب يفعل المأمور؛ وبالتعظيم يجتنب المحظور؛ هذا إذا اجتمعا؛ وإن انفرد أحدهما استلزم الآخر.

٣ - ومنها: أن من جعل لله نداً في المحبة فهو ظالم؛ لقوله تعالى: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب}.

٤ - ومنها: إثبات الجزاء؛ لقوله تعالى: {إذ يرون العذاب}.

٥ - ومنها: إثبات القوة لله؛ لقوله تعالى: {أن القوة لله جميعاً}؛ فإن قيل: كيف يتفق قوله تعالى: {جميعاً} مع أن للمخلوق قوة؟

فالجواب: أن قوة المخلوق ليست بشيء عند قوة الخالق؛ وهذا كقوله تعالى: {فإن العزة لله جميعاً} [النساء: ١٣٩ مع أن الله أثبت للمخلوق عزة؛ وهكذا نقول في بقية الصفات التي يشترك فيها الخالق والمخلوق في أصل الصفة.

٦ - ومنها: أن المؤمن محب لله عز وجل أكثر من محبة هؤلاء لأصنامهم؛ لقوله تعالى: {والذين آمنوا أشد حباً}.

٧ - ومنها: أنه كلما ازداد إيمان العبد ازدادت محبته لله؛ وجه ذلك أن الله سبحانه وتعالى رتب شدة المحبة على الإيمان؛ وقد عُلم أن الحكم إذا عُلِّق على وصف فإنه يقوى بقوة ذلك الوصف، وينقص بنقصه؛ فكلما ازداد الإنسان إيماناً بالله عز وجل ازداد حباً له.

٨ - ومنها: شدة عذاب الله عز وجل لهؤلاء الظالمين؛ لقوله تعالى: {وأن الله شديد العذاب}؛ فإن قيل: كيف يكون الله عز وجل شديد العذاب مع أنه أرحم من الوالدة بولدها؟


(١) صفوة التفاسير: ١/ ٩٩.
(٢) تفسير ابن عثيمكين: ٢/ ٢٢٥.
(٣) البحر المحيط: ١/ ٤٧٢.
(٤) معاني القرآن: ١/ ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>