للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوصى أبو بكر (١) - رضي الله عنه - أن تغسله زوجته أسماءُ، فغسلته، ثم أرسلت إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل عليَّ من غسل؟ قالوا: لا. فتوضَّأت (٢).

رواهما سعيد في «مسنده».

ولأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالاغتسال منه ــ كما نذكر (٣) إن شاء الله تعالى في موضعه ــ فظاهرُه يُوجب الغسلَ والوضوءَ الذي هو بعضُه، فإذا قام الدليل على عدم وجوب ما زاد على الوضوء، بقي الوضوء بحاله. أو يقال: الأمرُ بالغسل أمرٌ بالوضوء بطريق الأولى وفحوى الخطاب، فإذا تُركت (٤) دلالةُ المنطوق لم يجب أن تُترك (٥) دلالةُ فحواه. وقولُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أقلُّ ما فيه الوضوء، ويكفي فيه الوضوء= دليلٌ على أنه أقلُّ ما يؤمر به، والأمر للإيجاب.

ولأنه وضوء مشروع لسبب ماض فكان واجبًا، كالوضوء من مسِّ الذكر. ومن قال هذا التزم أن لا وضوء من القهقهة ولا ما مسَّته النار، أو يقول: وضوء متفق عليه، أو مشروع من غير معارض.


(١) في الأصل: «أبي بكر».
(٢) وأخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ٣٠٦)، ومن طريقه عبد الرزاق (٦١٢٣)، وليس فيه ذكر الوصية، وانظر: «البدر المنير» (٨/ ٢٣١ - ٢٣٢).
(٣) في المطبوع: «نذكره»، والمثبت من الأصل.
(٤) في الأصل والمطبوع: «ترك».
(٥) الأصل مهمل، وفي المطبوع: «نترك».