للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثامن: أن الله تعالى أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بإتمام الحج والعمرة لله قبل حجة الوداع بأربع سنين، فلا يخلو إما أن يكون الفسخ تركًا لإتمام الحج لله، فلا يكون أولئك الصحابة مخاطَبين بهذه الآية، ولا داخلين في حكمها، وهم المواجَهُون بالخطاب، المقصودون به قبل الناس كلهم، ثم كيف يجوز لمسلم أن يعتقد أنهم لم يُتِمِّوا الحج لله؟! وإن لم يكن الفاسخ تاركًا لإتمام الحج لله، بل هو متمٌّ له كما أمر الله تعالى به (١)، فلا فرق في هذا بين ناس وناس.

الوجه التاسع: أن الله تعالى قد أرخص لهم في المتعة بقوله: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦]. وقد نزل ذلك في سنة ست، وقد أحرم منهم نفرٌ بالعمرة كما في حديث جابر وعائشة، فكيف يقال: إن المسلمين كانوا لا يرون الاعتمار في أشهر الحج؟ نعم كان المشركون يرون ذلك، والمسلمون قد بيَّن الله تعالى لهم في كتابه وعلى لسان نبيه قبل حجة الوداع جوازَ الاعتمار في أشهر الحج، سواء حج في ذلك العام أو لم يحج، وقد فعلوا ذلك. فعُلِم أن توقُّفهم وتردُّدهم إنما كان في فسخ الحج إلى العمرة والإحلال من الإحرام لفضل التمتع لا لبيان جوازه.

العاشر: أن ... (٢).

وأما قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، فإن المتمتع مُتِمٌّ للحج والعمرة، سواء كان قد أهلَّ أولًا بالحج أو بالعمرة؛ وذلك لأنه إذا أهلَّ بالحج أولًا،


(١) «به» ليست في س.
(٢) بياض في النسختين.