الحقيقة، واليوم يدرَّس القرآن، فيما عدا جزيرة العرب، في مصر وسورية وتركية وآسية الصغرى وفارس وقسمٍ مهم من روسية وإفريقية والصين والهند، وتناول القرآن مدغشقر وإفريقية الجنوبية، وعُرِف في جزر الملايو، وعلمه أهل جاوة وسومطرة، وتقدم إلى غينيا الجديدة، ودخل أمريكا مع زنوج إفريقية.
والسهولة العجيبة التي ينتشر بها القرآن في العالم شاملةٌ للنظر تماماً، فالمسلم أينما مر ترك خلفه دينَه، وبلغ عدد أشياع النبي ملايين كثيرةً في البلاد التي دخلها العرب بقصد التجارة، لا فاتحين، كبعض أجزاء الصين وإفريقية الوسطى وروسية، وتم اعتناق هذه الملايين للإسلام طَوعاً، لا كَرْهًا، ولم يُسمع أن الضرورة قضت بإرسال جيوشٍ مع هؤلاء التجار المبشرين العرب لمساعدتهم، ويتسع نطاق الإسلام بعد أن يقيمه هؤلاء في أي مكان كان، ولم تُستأصل شأفة الإسلام بعد أن رسخ في روسية منذ عدة قرون، واليوم يَقطن خمسون مليون مسلم ببلاد الهند، ولم يُوفق مبشرو البروتستان لأي تنصير في الهند مع مظاهرة حكومتها لهم، ولا نعلم بالضبط عدد المسلمين في إفريقية، ولكن الرواد المعاصرين كلما أوغلوا فيها وَجدوا قبائل تُبَشِّر بالإسلام، والآن يُمدِّن الإسلامُ أقوام إفريقية، حيث يكونون، مُظهرًا عملَه الطيب في كل مكان.
ولقد أصاب مسيو ج. دوفال حيث قال:«من فضل الإسلام زوال الأصنام والأنصاب من الدنيا، وتحريم القرابين البشرية، وأكل لحوم الإنسان، وحفظ حقوق المرأة، وتقييد مبدأ تعدد الزوجات وتنظيمه مع عدم الوصول إلى الحق المطلق، وتوطيد أواصر الأسرة وجعل الرقيق عضوًا فيها، وفتح أبواب كثيرة سهلة لتحريره، وتهذيب الطبائع العامة ورفع مستواها بالصلاة والزكاة، وإيواء الغرباء، وتثقيف المشاعر بالعدل والإحسان، وتعليم أولياء الأمور أن عليهم من الواجبات ما على الرعية، وإقامة المجتمع على أسسٍ منظمة، وإذا حدث أن وُجِد جَورٌ في الغالب، كما في أي مكان آخر، وجد في العدل الإلهي ما يخفف وطأته، وذلك أن في رجاء الحياة الآخرة، حيث السعادة وحسن الثواب، سندًا لضحايا الدهر أو الظلم، وتلك هي بعض المحاسن التي تدل في كل مكان على انتشار الإسلام بين المجتمعات غير المتمدنة.»
ويتقدم الإسلام في الصين تقدماً يقضي بالعجب، ويكتب للإسلام أسطعُ فوز في الصين حيث اضطر المبشرون الأوربيون إلى الاعتراف بالحبوط، وقد رأينا أن عدد أتباع محمد في الصين عشرون مليوناً، وأن في مدينة بكين وحدها مائة ألف مسلم.