للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعر العربي. ولو كان الغرض الذي نظم فيه الشاعران هو مجرد نعت الأسد لكنت فضلت المتنبي بدون شك. ولكن غرض قصيدتها كان المدح أول من كل شيء (١).

ومن إحسان البحتري الذي لا يجاري في الوصف الملحمي، نعته لأسطول المسلمين في أثناء قصيدة مدح بها أحمد بن دينار. قال (٢):

غدوت على الميمون صبحًا وإنما ... غدا المركب الميمون تحت المظفر

أطل بعطفيه ومر كأنما ... تشرف من هادي خصانٍ مشهر

إذا زمجر النوتي فوق علاته ... رأيت خطيبًا في ذؤابه منبر

ولا أستحسن عجز هذا البيت على سلامته.

إذا عصفت فيه الجنوب اعتلى له ... جناحًا عقابٍ في السماء مهجر

إذا ما اتكا في هبوة الماء خلته ... تلفع في أثناء بردٍ محبر

وحولك ركابون للهول عاقروا ... كؤوس الردى من دار عين وحسر

تميل المنايا حيث مالت أكفهم ... إذا أصلتوا حد الحديد المذكر

إذا رشقوا بالنار لم يك رشقهم ... ليقلع إلا عن شواء مقتر

صدمت بهم صهب العثانين دونهم ... ضرابٌ كإيقاد اللظى المتسعر

يسوقون أسطولاً كأن سفينه ... سحائب صيف من جهامٍ وممطر

وذلك لتفرقها مع كثرتها:

كأن ضجيج بين رماحهم ... إذا اختلفت ترجيع عودٍ مجرجر


(١) لابد من القول الآن (١٩٦٨ م) أن الرأي إليه ابن الأثير. ذلك بأن الشعر لا يقاس قدره بما يراد له من الآراء قبل نظمه وفروغ الشاعر منه، ولكن بما يبلغه من حاق الجودة والشاعرية. وأحسب أن أبا الطيب رحمه الله قد زاد على البحتري زيادة ظاهرة ههنا، والله أعلم. لنا إلى هذه الكلمة عودة إن شاء الله.
(٢) ديوانه ٢ - ٢٣ - ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>