للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجر إلى أشباله كل شارقٍ عبيطًا مدمى أو رميلاً مخضبًا

ومن يبغ ظلمًا من حريمك ينصرف ... إلى تلفٍ أو يُثن خزيان أخيبا

شهدت لقد أنصفته يوم تنبري ... له مصلتًا عضبًا من البيض مقضبًا

فلم أر ضرغامين أصدق منكما ... عراكًا إذا الهيابة النكس كذبًا

هذا البيت من الضرب الرفيع الذي يعجب به أصحاب الاستعارة. وقد ذكر عبد القاهر في أسراره هذا النوع من تثنية المستعار مع المستعار له كأنهما شيء واحد، وأطنب في مدحه واستشهد عليه بقول الفرزدق:

«أبى أحمد الغيثين صعصعة الذي» إلخ ... البيت (١)

هزبرٌ مشى يبغي هزبرًا وأغلبٌ ... من القوم يغشى باسل الوجه أغلبا

وقد احسب ابن الأثير (٢) هذا البيت مأخوذًا من كلام بشر بن عوانة «هزبرا أغلبا لاقى هزبرا» ونسى أن بشر بن عوانة من مخترعات الهمذاني، وزمانه بعد زمان البحتري.

أدل بشغبٍ ثم هالته صولةٌ ... رآك لها أمضى جنانًا وأشغبا

فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا ... وأقدم لما لم يجد عنك مهربا

فلم يغنه أن كر نحوك مقبلاً ... ولم يُنجه أن حاد عنك منكبا

حملت عليه السف لا عزمك انثنى ... ولا يدك ارتدت ولا حده نبا

وكنت متى تجمع يمينك تهتك الضريبة أو لا تبق للسيف مضربا

ألنت لي الأيام من بعد قسوةٍ ... وعاتبت لي دهري المسيء فأعتبا

وألبستني النعمى التي غيرت أخي ... علي فأمسى نازح الدار أجنبا


(١) أسرار البلاغة، المنار «مصر» ٢٧٤.
(٢) ابن الأثير المثل السائر ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>