للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ من خبر أبي دجانة رضي الله عنه إذ تبختر بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكان رضي الله عنه من الأبطال وأبلى البلاء الحسن.

الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم

والحق أن فروسية أبي الطيب كلها إنما كانت فروسية القرطاس والقلم. وينبغي أن يحمل كثير مما يفتخر به فارسًا على هذا الوجه. وقد بسطنا جوانب من هذا المعنى في كلمتنا «شاعرية المتنبي».

صحبت في الفلوات الوحش منفردًا ... حتى تعجب مني القور والأكم

وهذا معنى يدور كثيرًا في شعر أبي الطيب، وقد غرفه من بحر تجربته إلا أن النقاد أبو إلا إن يتهموه بالأخذ من الصعاليك ومحاكاتهم، في مثل قوله:

ومهمه جبته على قدمي ... تعجز عنه العرامس الذلل

ومثل قوله:

لا ناقتي تقبل الرديف ولا ... بالسوط يوم الرهان أجهدها

ولا ريب قد حذا على نحو:

وقنة كسنان الرمح بارزة ... ضحيانة في شهور الصيف محراق

بادرت قنتها صحبى وما كسلوا ... حتى نميت إليها بعد إشراق

بشرثة خلق يوقى البنان بها ... شددت فيها سريحًا بعد إطراق

ونحو:

ويوم من الشعرى يذوب لوابه ... أفاعيه في رمضائه تتململ

نصبت له وجهي ولا كن دونه ... ولا سترإلا الأتحمي المرعبل

وفي ترجمة أبي منصور له ما يفيد أنه قضى فترة من عمر شبابه صعلوكًا أو كالصعلوك، فقرًا، وتجشم أسفار، وتوقع مكاره. وهو بعد القائل:

أجارك يا أسد الفراديس مكرم ... فتسكن نفسي أم مهان فمسلم

ورائي وقدامي عداة كثيرة ... أحاذر من لص ومنك ومنهم

فهل لك في حلفى على ما أريده ... فإني بأسباب المعيشة أعلم

إذًا لأتاك الخير من كل وجهة ... وأثريت مما تغنمين وأغنم

فقد سمع زئير أسد الفراديس وأحست نفسه الخوف منها، ولكنه لما صار إلى قول الشعر مزج تجربته هذه بالأخذ من كلام القتال الكلابي حيث قال في صحبته النمر ما

<<  <  ج: ص:  >  >>