فما تدوم على حال تكون بها ... كما تلون في أثوابها الغول
ولا تمسك بالوعد الذي زعمت ... إلا كما يمسك الماء الغرابيل
وقد قال أبو الطيب:
واحر قلباه ممن قلبه شبم ... ومن لحالي وجسمي عنده سقم
«سعاد» كعب قد بانت فهو يروم اللحاق بها وهي رمز السعادة والنجاة التي طلبها في نصر أمر الجاهلية، فخانه ذلك الطلب، فهو الآن يرومها عند الرسول عليه الصلاة والسلام.
ومحبوب أبي الطيب لم يبن. وكأن قد اقترب بينه. قلب كعب متبول متيم مرهون مكبول ولكن قلب أبي الطيب وحاله معًا سقيمان.
مالي أكتم حبًا قد برى جسدي ....
فهو حب صادق
وتدعي حب سيف الدولة الأمم
والدعاوى فيها الكذب. محبو سيف الدولة غير أبي الطيب فيهم فجع سعاد وولعها وإخلافها وتبديلها- وهب ما يدعونه حبًا:
إن كان يجمعنا حب لغرته ... فليت أنا بقدر الحب نقتسم
الحب المدعي دعوى. والحب الذي قد برى الجسد وأسقم القلب والحال. هذه القسمة الضيزى فجع وولع. فقد لبس محبوب أبي الطيب من صفات محبوبة كعب هاهنا.
قد زرته وسيوف الهند مغمدة ... وقد نظرت إليه والسيوف دم
فكان أحسن خلق الله كلهم ... وكان أحسن ما في الأحسن الشيم
هذا مدح. والنسيب فيه ذكر الوجد وفيه التغزل بذكر المحاسن. وهكذا صنع كعب. إلا أن كعبًا بعد المطلع قدم ذكر المحاسن:
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلا أغن غضيض الطرف مكحول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة ... لا يشتكي قصر منها ولا طول
ثم بعد أن وصف ثغرها وشبهه بالراح
شجت بذي شبم من ماء محنية ... صاف بأبطح أضحى وهو مشمول