للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الشاعر القديم صاحبًا للجن والجن أهل فدافد ووحشة وقوة وجسارة تخترق الحجب. قال حسان:

ولي صاحبٌ من بني الشيصبان ... فطورًا أقول وطورًا هوه

ولعله إنما خاطبه حيث قال:

اسألت رسم الدار ألم تسأل

إذ لم يكن حسان من أهل البادية ولكن كان صاحب حصن يثرب. وقل مثل ذلك في قيس بن الخطيم حيث يقول:

أتعرف رسمًا كاطراد المذاهب

وقد سار على هذا النهج عمر بن أبي ربيعة وهو إسلامي حضري مكي فقال مثلًا:

ألم تسأل الأطلال فالمتربعا

وأكد الفرزدق صحبته للجن وقد مر بك خبر ذلك.

هذا الجني الذي صار مذهب قول، كما يدل على ذلك قول أبي النجم:

إني وكل شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر

أسكنه أبو تمام في عبقر الفكر، بين الرواة وأهل اللغة وضروب أبواب الغوص على المعاني والاستعارة والإشارة والتجنيس والتعليل أو كما قال يصف قصيدته:

خذها ابنة الفكر المهذب في الدجى ... والليل أسود رقعة الجلباب

وإذ سكن شيطان أبي تمام في هذا الوادي، فإن كل الشعر العربي بجميع أساليبه قد صار له مادة موضوعة ومعاني معرضة. ودخلت ألفاظ الشعراء في حيز هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>