للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين الكلامين بون بعيد في المعنى والصياغة، وما قاله ابن دارة لم يمحه السيف بل قد رواه الناس نحو:

لا تأمنن فزاريًّا حللت به ... على قلوصك واكتبها بأسيار

وزعم أن أبا تمام سرق قوله:

وقد ظللت عقبان أعلامه ضحى ... بعقبان طير في الدماء نواهل

أقامت مع الرايات حتى كأنها ... من الجيش إلا أنها لم تقاتل

من مسلم بن الوليد حيث قال:

قد عود الطير عاداتٍ وثقن بها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل

وهذا المعنى للشعراء طريق ركوب، كقولهم وجه كالبدر وكرم كالبحر، وقد يتبارى الشعراء في تجويده والتفريع عنه، وقد يعلم الآمدي هذا من أمره حتى إنه قد تتبعه من عند أول كلام جاء به الرواة فيه وهو قول الأفوه الأودي:

وترى الطير على آثارنا ... رأي عينٍ ثقةً أن ستمار

إلى قول أبي نواس:

تتأيا الطير غدوته ... ثقة بالشبع من جزره

وليس مسلم بأولى أن يكون حبيب أخذ منه، وإنما رام كل ممن جاء بعد النابغة أن يزيد على قوله:

إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب

يصاحبنهم حتى يغرن مغارهم ... من الضاريات بالدماء الدوارب

تراهن خلف القوم خزرًا عيونها ... جلوس الشيوخ في ثياب المرانب

جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب

<<  <  ج: ص:  >  >>