من رديئه. وذلك أن البحتري لا يكاد يغلظ لفظه، إنما ألفاظه كالعسل حلاوة، فإما أن يشق غبار الطائي في الحذق بالمعاني والمحاسن فهيهات بل يغرق في بحره، على أن البحتري له المعاني الغزيرة، ولكن أكثرها مأخوذ من أبي تمام ومسروق من شعره وأبو تمام هو الذي يقول:
يا لابسًا ثوب الملاحة أبله ... فلآنت أولى لابسيه بلبسه
لم يعطك الله الذي أعطاكه ... حتى استخف ببدره وبشمسه
رشأ إذا ما كان يطلق طرفه ... في فتكه أمر الحياء بحبسه
وأنا الذي أعطيته غض الهوى ... وضممته فأخذت عذرة أنسه
وغرسته فلئن جنيت ثماره ... ما كنت أول مجتن من غرسه
مولاك يا مولاي صاحب لوعة ... في يومه وصبابة في أمسه
وهو القائل:
محمد بن حميد أخلقت رممه ... هريق ماء المعالي مذ هريق دمه
تنبهت لبني نبهان يوم ثوى ... يد الزمان فعاثت فيهم وفمه
رأيته بنجاد السيف محتبيًّا ... كالبدر لما جلت عن وجهه ظلمه
في روضة قد كسا أطرافها زهر ... أيقنت عند انتباهي أنها نعمه
فقلت والدمع من حزن ومن فرح ... في اليوم قد أخضل الخدين منسجمه
ألم تمت يا شقيق النفس مذ زمن ... فقال لي لم يمت من لم يمت كرمه
وهذه أخبار أبي تمام». أ. هـ.
تعمد ابن المعتز هنا اختيار أبيات خالية من الأغراب سلسة ليبرهن قضيته أنه إذا فاض بحر حبيب وعارضه أبو عبادة أغرقه. وقد آثر الآمدى بشقاء تحامله أن يغفل عن نحو هذا من قول ابن المعتز وأن يتمسك أو قل يتذرع بقوله في كتاب البديع