الفاضلة». إذ أعلن أن النبوة وظيفة من وظائف المخيلة. أما الفيلسوف، فهو إنسان يملك عقلًا قويًا وكاملًا بلغ أعلى درجات المعرفة الميتافيزيقية باتصاله بالعقل الفعال الذي هو أحد الكائنات المنبثقة عن الله والقائمة بينه وبين الإنسان. وإذا كان للفيلسوف أيضًا مخيلة قوية وكاملة، استطاعت هي أيضًا الاتصال المباشر بالعقل الفعال، فتتمثل فيها المعقولات المنحدرة إليها من صورها غير المنظورة بشكل رموز على أعلى درجات الجمال والكمال، كما استطاعت أن تتلقى معرفة الجزئيات الحاضرة والمقبلة والكائنات العليا. أن مثل هذا الإنسان يكون نبيًا وفيلسوفًا معًا، يعلم، كفيلسوف، الخاصة التي بوسعها أن ترى الحقيقة كما هي، ويعلم، كنبي، العامة التي تتأثر بأساليب الإقناع والخيال. ويكون له أيضًا وظيفة أخرى، هي أن يسن الشرائع، وأن يؤسس الدولة الفاضلة ويترأسها. والدولة الفاضلة هي التي يتعاون فيها الجميع على بلوغ الخير المشترك، ويعرفون الجميع الخير، إما مباشرة أو بالتمثيل والتصور، ويتنظمون بتراتب معين، وفقًا لطبيعتهم وملكاتهم الخلقية المكتسبة طوعًا. ولا يستطيع أن ينشئ مثل هذه الدولة وأن يحكمها إلا من كان فيلسوفًا ونبيًا معًا. إلا أنه من النادر أن تجتمع في شخص واحد جميع الصفات المطلوبة، صفات العقلين العملي والنظري والمخيلة. فإن لم تتوفر كلها معًا، كفى أن يكون للحاكم صفات العقل دون المخيلة، أو بتعبير آخر، أن يكون فيلسوفًا لا نبيًا، أو أن توزع السلطة بين عدد من الأشخاص، أو أن يرعى الشرائع الصادرة عن مؤسس الدولة حكام ليس بإمكانهم إصدارها بأنفسهم، إلا أنهم يعرفونها وبوسعهم تفسيرها. هؤلاء هم الخلفاء. إن الأمر الجوهري هو أن تكون معرفة الخير حاصلة في مكان ما من «المدينة» وفي العنصر الحاكم فيها. أما إذا كانت هذه المعرفة مفقودة، كانت المدينة غير فاضلة، بل جاهلة أو ضالة في آرائها، وكانت لعناصرها المختلفة مصالح متضاربة، ولم يكن لها خير