فالجَوابُ: لا، لأنهم كانوا يَقولون: السلام على جِبريلَ وعلى مِيكائِيلَ وعلى فُلان وعلى فُلان؛ لأن ذلك التَّخصيصَ الذي أنت خصَصته ليس له حاجة، فإذا قُلْتم:(السَّلام علينا وعلى عِباد اللَّه الصالحِين) دخَلَ في هذا ما خَصَصْتم.
فإن قال قائِل: هل مَعنَى ذلك أنهم ما كانوا يَستَحضِرون؟
فالجَوابُ: لا، بل كانوا يَستَحضِرونه، ولهذا خَصُّوه.
أمَّا قوله:(أَشهَد أن لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، وأن محُمَّدًا عبدُه ورَسولُه) فهذا واضِح.
(أَشهَدُ) يَعنِي: أُقِرُّ، لكِنْ إقرارًا كالمُشاهِد بالعَيْن، يَعنِي: ليس هو إقرارًا هَزيلًا، و (أَشهَد) أَصْل الشُّهود والشَّهادة لِمَا رُئِيَ أو سُمِع بالأُذُن؛ لكن هنا عَبَّر عمَّا في القَلْب بالشَّهادة كأن الإنسان يُشاهِد ما أَقَرَّ به.
وأمَّا (ألَّا إِلهَ إلَّا اللَّه) فإن العامة يُخطِئون فيها يَقولون: (أَشهَدُ أنَّ لا إلهَ إلَّا اللَّه)(أشهد أنَّ)، وهذا خطَأ من حيث اللُّغة؛ لأن (أنَّ) المُشدَّدة لا يُحذَف اسمُها، ولكنها (أَنِ) المُخَفَّفة، فتقول:(ألَّا إلهَ إلَّا اللَّه)، يَعنِي: لا إلهَ حَقٌّ. أي: لا مَعبودَ حقٌّ إلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، والمَعبودات التي تُعبَد بدونه باطِلة.
(وأَشهَد أن محُمَّدًا عبده ورسوله) فيها أيضًا الإقرار المُتيَقَّن، كأنما يُشاهِد بأن محُمَّدًا عبد اللَّه ورسوله، فهو عَبْد ليس له حقُّ الرُّبوبية، ورَسول ليس فيه شيء من الخِيانة، فهو رَسولٌ حَقًّا.
وهذه مَعانٍ ظاهِرة عابِرة، ومع هذا أكثَرُ الناس لا يَستَحضِرونها! .