للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووَصْفًا لفِعْل المَخلوق؟ ! والثاني: أن الطَّيِّبات الواقِعة منَّا تَكون للَّه تعالى لا يَقبَل اللَّه تعالى سِواها، فكِلا المَعنَيَيْن حقٌّ: أن اللَّه طَيِّب، وهذا باعتِبار ما يَتعَلَّق باللَّه تعالى، ولا يَقبَل إلَّا طيِّبًا باعتِبار بما يَفعَله العَبْد.

ومَعنَى: (السلام عليك أيُّها النَّبيُّ) تَقدَّم ذِكْرها.

ومَعنَى: (ورحمة اللَّه وبركاته) الرحمة هي الدُّعاء له بالرحمة، وهي حُصول المَطلوب، وبالسَّلام زوال المَكْروه.

و(بركاته) يَعنِي: الخَيْر الثابِت الكثير، فأنت بعدما دعوت له بالرحمة سأَلْت اللَّه تعالى أن يَجعَل ذلك برَكةً عليه مُستَمِرَّة.

وأمَّا: (السلام علينا وعلى عِباد اللَّه الصالحِين) فقد فَسَّرَها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: "إِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" (١)، فمَنْ يَستَحضِر إذا سلَّم أنه يُسلِّم على الأنبياء والمَلائِكة والأَوْلياء والصالحِين من هذه الأُمَّة وغيرها، حتى نُسلِّم بهذا الكلامِ على الحَوارِيِّين الذين اختارهم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، والسَّبْعين الذين اختارهم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، والقليل الذين آمَنوا بنُوْح عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَصْحاب الكَهْف، وآدم عَلَيْهِ السَّلَامُ، وغيره، مَن يَستَحضِر هذا؟ ! الغالِب أننا لا نَستَحضِرُ! .

فإن قال قائِل: قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَا يَدُلُّ على أن الصحابة لم يَستَحضِروا أنه قال: "إِذَا سَلَّمْتَ فَقَدْ سَلَّمْتَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ".


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، رقم (٨٣١)، ومسلم: كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، رقم (٤٠٢)، من حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>