قوله تعالى {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} فهو يتناول فعل المأمورات، وترك المنهيات؛ لأن النهي أمر بالترك، ولأنه سيق في معرض المدح. (١)
الدراسة:
استنبط الخطيب من الآية دلالتها باللازم على أن الملائكة معصومون من الوقوع في الذنوب؛ لأنّ قوله تعالى:{وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} يدل على أنهم منقادون لخالقهم وأنهم ما خالفوا في أمر من الأمور، كما قال تعالى:{لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}(الأنبياء، ٢٧). ولأنه تعالى قال {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، وقال:{وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء: ٢٧] وهذا وأمثاله يتناول فعل المأمورات وترك المنهيات؛ لأن النهي أمر بالترك، ولأنه سيق في معرض المدح، والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالله تعالى مدحهم على ترك المعاصي والمخالفة ودوام الطاعة.
ويؤيده أن الملائكة رسل الله لقوله تعالى:{جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا}[فاطر: ١]، والرسل معصومون، كما قال تعالى في تعظيمهم {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤] وهو يفيد المبالغة التامة في التعظيم، فهم أتقى الخلق، وقال تعالى: {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (١٩) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ١٩ - ٢٠].وهو يفيد المبالغة التامة في الاشتغال بالعبادة، وهذا يدل على
(١) ينظر: الحبائك في أخبار الملائك للسيوطي (١/ ٢٥٣).