للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقرأ؛ أي تتبع [التكبير بالقراءة (١)]، من غير أن تفصل بينهما بشيء، فقد كره مالك رحمه الله في القول المشهور عنه، التسبيح والدعاء بين تكبيرة الإحرام والقراءة، واستحب بعضهم الفصل بينهما بلفظ: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. فإن كنت في الصبح قرأت جهرا بأم القرآن لا تستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم في أم القرآن، ولا في السورة بعدها لا سرا ولا جهرا، إماما كنت أو غيره، فإذا قلت {وَلَا الضَّالِّينَ} فقل: آمين إن كنت وحدك أو خلف إمام، ولا يقولها الإمام فيما جهر فيه، ويقولها فيما أسر فيه، وفي قوله إياها في الجهر اختلاف. ثم إذا فرغت من قراءة أم القرآن تقرأ سورة لا تفصل بينهما بدعاء ولا غيره من طوال المفصل، وإن كانت أطول من ذلك فحسن بقدر التغليس، وتجهر بقراءتها أي السورة، فإذا تمت السورة كبرت في حال انحطاطك إلى الركوع، فتمكن يديك من ركبتيك، وتسوي ظهرك مستويا، أي معتدلا لما روى ابن ماجة (أنه صلى الله عليه وسلم كان يسوي ظهره (٢))، ولا ترفع رأسك ولا تطأطئه؛ أي لا تصوبه إلى أسفل، وتجافي أي تباعد بضبعيك؛ أي عضديك بفتح الضاد وسكون الباء الموحدة، وهذا التجنيح مندوب: وتعتقد أي بقلبك الخضوع بذلك. قال بعضهم: الإشارة تعود على ما تقدم من الانحناء والتجافي وتسوية الظهر وتمكين اليدين من الركبتين. ومنهم من قال: تفسيرها ما بعدها؛ وهو قوله: بركوعك وسجودك ولا تدعو في ركوعك. قوله: ولا تدعو، قال الشادلي: هكذا رويناه بإثبات الواو بصيغة الخبر، والمراد به النهي على جهة الكراهة لما صح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (٣)): أي حقيق، ولا يعارضه ما صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي (٤))؛ لأن هذا محمول على بيان الجواز، والأول على بيان الأولوية. انتهى. وقل إن شئت أي في سجودك: سبحان


(١) في الأصل القراءة بالتكبير وما بين المعقوفين من كفاية الطالب الرباني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ط. المدني ص ٤٩١.
(٢) عن راشد قال: سمعت وابصة بن معبد يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر. ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، رقم الحديث: ٨٧٢.
(٣) مسلم، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٧٩.
(٤) البخاري، كتاب المغازي، رقم الحديث: ٤٢٩٣.