للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملائكة رفعوا رؤوسهم (١) من السجدة ليلة الإسراء، وسلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عادوا إلى السجدة). فلذلك صار السجود في الصلاة اثنتين. وقال المهاجري: (روي أن جبريل عليه السلام أم النبي صلى الله عليه وسلم فأطال السجود، فظن أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع رأسه، ولم يكن رفع، فرفع جبريل، فعاد إلى السجود فصيرها الله عبادة يتعبد بها). وقيل: لأن الأولى إشارة إلى خلق الإنسان من التراب، والثانية إشارة إلى أنه يعود إليه. وقيل: إنهم يدعون إلى السجود يوم القيامة حين يكشف عن ساق، فيسجد المؤمنون، ولا يقدر المنافقون والكافرون على السجود، فإذا رأى المؤمنون ذلك سجدوا ثانيا شكرا لله تعالى، فالأولى للدعاء، والثانية للشكر. وقيل: لأن السجود أحب الطاعة إلى الله تعالى فلذلك كرر. قاله الشيخ إبراهيم. وجلوس لسلام يعني أن الجلوس للسلام أي لأجل إيقاع السلام من فرائض الصلاة، فالجزء الأخير من الجلوس الذي يوقع فيه السلام فرض؛ لأنه محل السلام إعطاء للظرف حكم الظروف، فالفرض هو الجلوس بقدر ما يعتدل ويسلم تسليمة التحليل، واعلم أن الصلاة وضعت على أربعة أركان: قيام، وقعود، وركوع، وسجود. كما أن الخلق أربعة أصناف: قائم كالأشجار. وراكع مثل الأنعام، وساجد مثل الهوام، وقاعد كالأحجار. فأراد الله أن توافق الجميع في أحوالهم.

وسلام يعني أن السلام من فرائض الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام: (الصلاة بين زمانين التكبير والتسليم) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (مفتاحها الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم (٢)) ولا خلاف في وجوبه عندنا ولا يقوم مقامه غيره من تكبير أو مناف. وأما ما روى عن ابن القاسم: من أحدث في آخر صلاته أجزأت، فمردود نقلا ومعنى: أما نقلا، فلأن المنقول عن ابن القاسم إنما هو في جماعة صلوا خلف إمام فأحدث إمامهم فسلموا هم لأنفسهم، فسئل عن ذلك، فقال: تجزئهم صلاتهم؛ أي تجزئ المأمومين فقط، وأما معنى: فلأن الأمة في ذلك على


(١) في الأصل: رأسهم، والمثبت من الشبراخيتي ج ١ مخطوط.
(٢) الترمذي، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٣.