للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تستظهر يعني أنه إذا قلنا: إن الدم المميز بعد طهر تم حيض، فإنه إذا استمر بالمرأة تمكث أيام عادتها فقط، ولا تستظهر عليها بزيادة ملفقة أم لا؟ على الأصح وهذا القول المصحح مروي عن مالك في العتبية وغيرها. وقاله ابن القاسم. في المجموعة: وبه قال أصبغ، ومقابله لعبد الملك أنها تستظهر. قاله الش كالتي لم تتقدم لها استحاضة. وقيل: تمكث خمسة عشر يوما. وقوله: "ولا تستظهر" محله إن دام ما ميزته لا بصفة حيض ميزته: بل تغير إلى دم استحاضة، فإن دام بصفة حيض ميزته بعد طهر تم فإنها تستظهر. قاله الشيخ عبد الباقي.

ولما تكلم على ابتداء الحيض شرع يتكلم على انتهائه، فقال: والطهر بجفوف يعني أن الطهر الذي لا يصحبه دم استحاضة يكون بالجفوف؛ وهو أن تُدْخِلَ خرقة فتخرجها جافة؛ أي ليس عليها شيء من الدم ولا من الصفرة ولا من الكدرة. وليس المراد أنها جافة من الرطوبة بالكلية؛ لأن فروج النساء لا تخلو عن الرطوبة غالبا.

أو قصة يعني أن الطهر من الحيض يكون بأحد شيئين: الجفوف وقد تقدم، والقصة بفتح القاف وشد الصاد بيضاء تأتي آخر الحيض، كماء القصة بفتح القاف وشد الصاد أيضا؛ وهي الجير المخلوط بالرماد أو النؤرة. يقال: قصص داره أي جصصها، وفي الحديث: (نهى عن تقصيص القبور (١))؛ أي تجصيصها، ولا إشكال في نجاسة القصة؛ لأن كل ما يخرج من السبيلين فهو نجس وهي من أنواع الحيض، فأوله دم وآخره قصة، وقيل إن القصة تشبه ماء العجين، وقيل: شيء كالخيط الأبيض: وروى ابن القاسم: شبه البول وروى علي: شبه المني، ابن هارون: يحتمل أن يختلف باعتبار النساء وباعتبار أسنانهن، وباختلاف الفصول والبلدان. وقال في الطراز: يجوز أن يكون ذلك يختلف، إلا أن الذي يذكره بعض النساء أنه شبه المني. قاله الإمام الخطاب.

وهي أبلغ لمعتادتها يعنى أن المرأة التى عادتها أن تطهر بالقصة فإن ذلك يكون أبلغ في طهرها من الجفوف؛ أي أقطع للشك وأقوى في حصول اليقين بالطهر؛ لأنها لا يوجد بعدها دم،


(١) نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور أو يبنى عليها أو يجلس عليها أحد النسائي، كتاب الجنائز، رقم الحديث:
٢٠٢٨.