للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي (١)) انتهى. قوله: لتصلي بإثبات الياء على حد قوله تعالى: {مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} في قراءة قنبل، وقوله: لتستثفر بثوب؛ أي تشد على فرجها خرقة عريضة. انظر شرح الموطإ لمحمد بن عبد الباقي. ولما كانت الحامل عندنا تحيض خلافا للحنفية، بين مذهبنا بقوله: ولحامل بعد ثلاثة أشهر يعني أن أكثر الحيض للحامل بعد دخول أول جزء من الشهر الثالث. النصف أي نصف شهر، ونحوه أي ما قاربه. والمراد بمجموع ذلك عشرون يوما، فإذا أتاها الدم وتمادى بها تركت الصلاة والصوم، وما تتركه الحائض عشرين يوما، ثم بعد ذلك تكون مستحاضة تصلي وتصوم وتوطأ. وقوله: "النصف ونحوه" أشار به إلى قول ابن القاسم في المدونة: تمكث بعد ثلاثة أشهر ونحوها خمسة عشر يوما ونحوها.

وعلم مما قررت أن معنى قوله: "بعد ثلاثة" بعد الدخول في ثلاثة. وليس المراد بعد تمام ثلاثة أشهر؛ لأنه خلاف مذهب المدونة، ويدل على أن هذا مراد المص قوله: وهل ما قبل الثلاثة، وإلا لقال: وهل الثلاثة فما قبلها. ابن الحاجب: الحامل تحيض فإن تمادى بها الدم، ففيها قال مالك: تمكث قدر ما يجتهد لها، وليس في ذلك حد. وليس أول الحمل كآخره. وروى أشهب كالحائل. انتهى. وكون ما تراه من الدم حيضا هو المشهور. وقال ابن لبابة: ليس حيضا. وقال الداوودي: لو أخذ فيه بالاحتياط لكان حسنا. هكذا نقل الباجي. وغيره. وخرج بعضهم عنه أنها تحتاط، وقوله: فإن تمادى: أي جاوز عادتها. وقول أشهب: طاهر عملا بالاستصحاب. ومعنى كالحائل؛ أي تجلس أيام عادتها وتستظهر. وقوله: "ولحامل" معطوف على قوله: "لمبتدأة" وقوله: "النصف": معطوف على قوله: "نصف شهر" والعاطف الواو فيهما، وعطفت الواو شيئين وذلك جائز إذا كان العطف على معمولي عامل واحد كما هنا. قال العلامة الخرشي: أجمع النحاة على جواز العطف على معمولي عامل واحد نحو: إن زيدا ذاهب وعمرا جالس، وعلى معمولات عامل واحد نحو: أعلم زيد عمرا بكرا جالسا وأبو بكر خالدا سعيدا منطلقا،


(١) الموطأ، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ١٣٨.