للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الجري لإدراك الماء، ولا أن يخرج عن مشيه المعتاد. كرفقة مثال للطلب الذي لا يشق؛ يعني أن المسافر يلزمه أن يطلب الماء من رفقته إذا كانت الرفقة -بضم الراء وكسرها، ولا تجمع على رفقاء- قليلة كما أشار إلى ذلك بقوله. قليلة كالأربعة والخمسة، كانت حوله أم لا. أو حوله من كثيرة يعني أن المسافر إذا كانت رفقته كثيرة فإنه يلزمه أن يطلب الماء ممن قرب منه حوله من تلك الرفقة الكثيرة. والكثيرة كالأربعين، قال مالك في سماع أشهب: يسأل من يليه ومن يظن أنه يعطيه، وليس عليه أن يتتبع أربعين رجلا في الرفقة فيسألهم، ولكن يسأل أول من يليه ويرجو ذلك منه. وقوله: "أو حوله من كثيرة"، قال الشبراخيتي: بحيث يكون من حوله منها كالقليلة. كذا في بعض التقارير. انتهى. وقال الشيخ عبد الباقي: وانظر ما بين العددين المذكورين هل يلحق بالقليلة أو بالكثيرة؟ قال الشيخ الأجهوري: ولو قيل بإلحاق الخمسة عشر بالأربعة، وما زاد عليها بالأربعين ما بعد، والجامع عدم المشقة؛ وهي في الثاني. قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: والذي يظهر أن هذا التنظير لا محل له؛ لأن المعتبر المشقة وعدمها. انتهى. ومحل لزوم الطلب في القسمين. إن جهل بخلهم به يعني أن محل لزوم الطلب في القسمين إنما هو حيث جهك بخل القوم بالماء؛ بأن علم الإعطاء، أو ظنه، أو شكه، أو توهمه. وأما إن علم عدم الإعطاء فلا يلزمه الطلب، وإذا ترك الطلب حيث تحقق الإعطاء أو ظنه فإنه يعيد أبدا، وسواء في ذلك ترك طلبه من رفقة قليلة أو حوله من كثيرة، وإن شك في الإعطاء وترك الطلب أعاد في الوقت، وإن توهم لم يعد. كما قاله الشيخ الأمير. وهذا إن تبين وجوده أو لم يتبين شيء، فإن تبين عدمه لم يعد في الأقسام المذكورة، فإن علم بخلهم تيمم، كما لو علم إعطاءهم حياء لحرمة طلبه حينئذ. وهل يسوغ له الاستعمال حينئذ أم لا؟ لأنه بمنزلة المغصوب. ولو طلبه ممن يليه فقالوا: ليس عندنا، ثم وجده عندهم بعد أن تيمم وصلى، فإن كانوا ممن يظن أنهم لو علموا بالماء لم يمنعوه أعاد في الوقت على الصحيح. وقيل: يعيد أبدا، والأول لمالك، والثاني لأصبغ، وان ظن أنهم يمنعونه لم يعد. وقال أصبغ: إن لم يسأل في الرفقة الكثيرة لم يعد، وفي الصغيرة يعيد في الوقت؛ وإن كانوا رجلين أو ثلاثة أعاد أبدا وضعف اللخمي والمازري قول أصبغ. وحاصل قول أصبغ هذا