للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخاف إن فعل ذلك انقطع عنه العرق ودامت علته، فإنه يتيمم ويصلي إيماء إلى القبلة، وإن خرج الوقت قبل زوال عرقه لم يعد. قاله ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ. قاله الحطاب. والمراد بالخوف هنا العلم أو الظن، ولا عبرة بالشك. والظاهر أنه لابد من اعتماده على تجربة في نفسه، أو مقارب له في المزاج، أو إخبار طبيب عارف.

أو عطش محترم معه يعني أن التيمم يباح لمن تقدم مع وجود الماء أيضا إذا خافوا عطش حيوان محترم معهم؛ أي ظنوا فقط. والحال أن المحترم الذي معهم غير متلبس بالعطش، وتضمن ظنهم أن يهلك أو يمرض من معهم، وأما من تلبس بالعطش فالخوف في حقه يشمل الظن والشك والوهم، ومتعلقة المرض أو التلف والخوف على نفسه ومن معه سواء في هذين القسمين؛ وما أوهم خلاف هذا مأول أو مردود. ودخل في المحترم القاتل من غير المستحق، والقاتل غيلة أو حرابة، وليس ثم من له قتله من سلطن أو نائبه فيتيمم كما يتيمم في مرتد وزان أحصن، وليس ثم حاكم، وفي كلب غير مأذون فيه، وخنزير لم يقدر على قتلهما بخلاف ما لو قدر على قتلهما، وبخلاف ما لو وجد حاكم يقتل الخمسة الأول فيتوضأ لوجوب المبادرة بالقتل فينتفي التعذيب بالعطش لخبر: (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة (١)). وإذا كثرت الرفقة وكثر معهم الفقراء بحيث يخاف الموت من العطش، فيتيمم من معه فضل ماء، ويسقي الفقراء ما فضل عن شربه، وعن ما يحتاج إليه في طبخ لمصلحة بدنه وأحرى العجين، ولا يراعى ما يفضل عن شرب ما معه من غير عاقل لم يضطر له ويبيع ما استغنى عنه من حيوان محترم أو يذبحه حيث لم يجحف ولم ينقص ثمن لحمه عن قدر ما يشتري به الماء الذي يتوضأ به عادة. انظر شرح الشيخ عبد الباقي. وحاشية الشيخ بناني. وذلك ظاهر؛ لأنه إذا لم يبلغ ثمن اللحم ما يشترى به الماء فلا فائدة في ذبحه. وعلم مما مر أنه يجوز قتل الكلب غير المأذون فيه، وقتل الخنزير؛ وهو كذلك على المذهب، وإذا جاز قتلهما وكان الانتقال إلى التيمم مع القدرة على الماء غير جائز تعين قتلهما. وأنه كما يراعى في الماء أن يكون فاضلا عن شربه، فكذلك يراعى أن يفضل عما يحتاج إليه في عجين أو طبخ يطبخه


(١) مسلم في صحيحه، كتاب الصيد والذبائح، رقم الحديث: ١٩٥٥.