للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو خافوا باستعماله مرضا يعني أن المسافر والحاضر الصحيح إذا خافا باستعمال الماء مرضا؛ أي حدوث مرض كحمى أو نزلة؛ فإنهما يتيممان، فالمسافر يتيمم للفرض والنفل، ومثله المريض، ومن في حكمه كالحاضر الصحيح يخشى باستعمال الماء المرض. وجمع الضمير باعتبار الأفراد. انظر الشبراخيتي. ولا يباح النفل للحاضر الصحيح الذي لا يخشى باستعمال الماء ضررا كما مر، والتيمم لدخول المسجد للجماعة بمنزلة التيمم للنفل. كما نقله الوانوغي عن العوفي. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وقد علمت من يباح له التيمم للنفل. ويتيمم مريض يقدرعلى الصلاة قائما والوضوء، فحضرت الصلاة وهو في عرقه، وخاف إن قام جف عرقه ودامت علته، فيتيمم ويصلي للقبلة إيماء، وإن خرج الوقت قبل زوال عرقه لم يعد. أو زيادته يعني أن المريض إذا خاف باستعمال الماء زيادة المرض، فإنه يباح له التيمم.

أو تأخر برء يعني أن المريض إذا خاف باستعمال الماء تأخر برء مرضه، فإنه يباح له التيمم. وأراد بزيادته زيادة شدته، وبتأخر برئه زيادة مرضه في الزمن، والضمير في قوله: "أو خافوا" عائد على الثلاثة لكنه موزع: فخوف المرض للحاضر الصحيح والمسافر، وخوف الزيادة، وتأخر البرء للمريض خاصة. وعلى هذا فضمير الجمع على حقيقته. أشار إليه الشيخ محمد بن الحسن. قال في التلقين: وأما جوازه؛ يعني التيمم لتعذر الاستعمال، فيعتبر فيه أربعة أشياء: خوف تلف: أو زيادة مرض، أو تأخر برء، أو حدوث مرض يخاف معه ما ذكرناه. انتهى. وكذا إن خاف الصحيح نزلة أو حمى فإن ذلك ضرر ظاهر، فإن كان إنما يتألم في الحال ولا يخاف عاقبته لزمه الوضوء والغسل، ولو تكلف المريض الصوم والصلاة قائما لعذر لكن بمشقة وتعب، فليفطر؛ وليصل جالسا -ودين الله يسر-. وما تقدم من أن الجنب إذا عجز عن الغسل يتيمم، هو المعروف في المذهب. وذكر في الإكمال: عن أحمد بن إبراهيم المصري المعروف بابن الطبري من أصحاب ابن وهب أن من خاف على نفسه المشقة من الغسل أجزأه الوضوء، لحديث عمرو بن العاص (١)). وقد مر قريبا أنه إذا قدر المريض أن يتوضأ ويصلي قائما فحضرت الصلاة وهو في عرقه


(١) إكمال المعلم بشرح مسلم للقاضي عياض، ج ٢ ص ٢٢١. ط دار الكتب العلمية. وانظر فتح الباري، ج ١ ص ٤٥٤.