المسجد فلا يختلف أنه يتيمم لخروجه، وهذا ظاهر يفهم مما تقدم من دخول المسجد للماء؛ ولو كان مضطرا للمبيت في المسجد ولا يمكنه الخروج منه، تيمم للمبيت فيه. والله سبحانه أعلم.
إن عدموا الماء كافيا شرط في قوله:"يتيمم". والضمير عائد على المسافر والمريض والحاضر الصحيح كما في الشبراخيتي. ومنهم من جعله عائدا على الأول، والأخير: يعني أن شرط صحة التيمم من هؤلاء الثلاثة، وجوازه أن يعدموا ماء كافيا للطهارة الواجبة عليهم صغرى أو كبرى. ودخل في ذلك ثلاث صور: الأولى عدم الماء بالكلية، الثانية وجود ما لا يكفيه للوضوء في حق المحدث الحدث الأصغر؛ الثالثة وجود ما لا يكفي للغسل في حق المحدث المحدث الأكبر. والحكم في الجميع سواء. فمن اغتسل بما معه من الماء وصلى فبقي عليه قدر الدرهم فلا يجزئه، وليتيمم ويعيد الصلاة. قال ابن راشد: وقد اتفقنا نحن وأبو حنيفة على أن من وجد ما لا يكفيه لطهارته أنه يتركه ويتيمم. وقال الشافعي: يجب استعماله ثم يتيمم. انتهى. وهذا في أحد قوليه، وقوله الآخر يوافقنا؛ وهو قول أكثر العلماء، وإن كان مع الجنب ماء لا يكفيه غسل به ما في جسده من الأذى. وفي الحطاب أن من وجد من الماء ما يزيل به بعض النجاسة، يجب عليه استعماله، ومن وجد ما يستر به بعض عورته، يجب عليه ذلك. وكذلك من وجد من الطعام يسيرا لا يمسك رمقه، فإنه يجب عليه أكله: ثم بعد ذلك ينتقل إلى اليتة. والفرق بين هذه المسائل ومسألة التيمم هذه أن استعمال الماء لا يظهر له أثر فيها بخلاف هذه المسائل، فإن وجد من الماء ما يغسل به وجهه ويديه. وقدر على أن يجمع ما سقط من أعضائه ويكمل وضوءه به؛ فإنه يفعل ذلك ويتطهر به وجوبا عند عدم غيره، ولا يكون هذا مستعملا في حدث إلا على القول بأن كل عضو يطهر بانفراده. وأما على القول بأنه لا يطهر إلا بالجميع، وهو المشهور، فلا يكون مستعملا؛ وإذا وجد ما يغسل به الأعضاء المفروضة وجب عليه الوضوء، ويترك السنن ولا يجزئه التيمم؛ وهو ظاهر فقوله:"كافيا"؛ أي للفرائض فقط. ومِن عدم الماء ما لو وجد ماء مضافا، أو وجد ماء مطلقا مملوكا للغير، أو مسبلا للشرب خاصة، ومثل ذلك ما إذا التبس المسبل للشرب بغيره ولم يعلموا الذي يكون للطهارة منهما. قاله الشيخ إبراهيم.