للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجزاء في الظهار اتفاقا؛ ولو كان في ذمته دين فقيل: يمنع الإجزاء، وقال الجزولي: كنت أسمع أنه يجزئه، قاله الأقفهسي. نقله عبد الباقي.

وعلم مما قررت أن قوله: ومنقطع عطف على جنين مؤمنه؛ بالجر صفة لرقبة؛ يعني أنه يشترط في الرقبة التي يجزئ عتقها في الظهار أن تكون مؤمنة لأن الله عز وجل وصف الرقبة في كفارة القتل بالإيمان وأطلق في كقارة الظهار والمطلق يحمل على المقيد لأن القصد القربة والكفر ينافيها، وفي حديث السوداء ما يدل على ذلك إذ قال سيدها للنبي صلى الله عليه وسلم: (علي رقبة أفأعتقها (١))، ولم يذكر عما ذا لزمته ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بعتقها حتى سألها (أين الله؟ فقالت: في السماء، قال لها: من أنا؟ قالت: رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنها مؤمنة) (٢) قال أبو الحسن: وترك الاستفصال، في حكاية الأحوال، مع الاحتمال، يتنزل منزلة العموم في المقال، وقول السوداء: في السماء، معناه العلو والارتفاع وأنه تعالى منزه عن صفات الحوادث، وقوله عليه السلام: أين الله؟ هذا الحديث فيه تأويلات، وهو من المتشابه لأن الله تعالى لا يسئل عنه بأين. نقله بناني. وقال ابن غازي لأبي القاسم السهيلي عليه كلام حسن، ومن كلامه فيه: السؤال بأين ينقسم إلى ثلاثة أقسام: اثنان جائزان وواحد لا يجوز، الأول: السؤال على جهة الاختبار للمسؤول ليعرف مكانه من العلم والإيمان كسؤاله عليه السلام للأمة، والثاني: السؤال عن مستقر ملكوت الله وموضع سلطانه كعرشه وكرسيه وملائكته مثل سؤال السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء (٣)) فهذا سؤال فيه حذف كما ترى، وإنما سأل عن مستقر الملائكة والعرش وغير ذلك من خلقه والعماء هو السحاب وإذا جاز أن يعبر عن إذاية أوليائه بقوله {يُحَارِبُونَ اللَّهَ} و {يُؤْذُونَ اللَّهَ} جاز أن يعبر أيضا باسمه عن ملائكته وعرشه وسلطانه وملكه. قلت: هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه عن أبي رزين (٤) قال: (قلت يا رسول الله) الحديث، قال الترمذي: قال أحمد بن منيع: قال يزيد بن هارون:


(١) الموطأ ج ٢ ص ٤٨٨ - ٤٨٩.
(٢) مسلم، كتاب المساجد، رقم الحديث ٥٣٧.
(٣) الترمذي، كتاب تفسير القرآن، رقم الحديث ٣١٠٩. مسلم أحمد، ج ٤ ص ١١. ابن ماجه، كتاب السنة، رقم الحديث ١٨٢.
(٤) كذا في الأصل والذي في البنانى ج ٤ ص ١٧٥ عن أبي رزين.