للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن الغيبة قد تجب وقد تندب وقد تجوز، فالواجب ذكر جرح الشاهد عند خوف إمضاء الحكم بشهادته؛ وجرح المحدث الذي يخاف أن يعمل بحديثه أو يروى عنه وهذه أمور ضرورية في الدين معمول بها مجمع عليها من السلف الصالح، ونحو ذلك ذكر عيب من استنصحت في مصاهرته أو معاملته، فهذا يجب عليه الإعلام بما يعلم من هيئاته عند الحاجة إلى ذلك على جهة الإخبار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما معاوية فصعلوك (١)). الحديث. والمندوب قد يكون من هذين النوعين كفعل المحدثين حين يعرفون بالضعفاء مخافة الاغترار بحديثهم، وكتحذير من لم يسئل مخافة معاملة من يجهل حاله، والجائز كغيبة المعلن بالفسق المعروف به فيجوز ذكره بذلك لأنه لا يكرهه ولا يتأذى به لا بغير معا لا يكون مشهورا به، لقوله عليه الصلاة والسلام: (بئس أخو العشيرة (٢) ولقوله عليه الصلاة والسلام: (لا غيبة في فاسق (٣) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته (٤)). قاله القرطبي. ثم قال: وحيث حكمنا بوجوب النص على العيب فإن ذلك إذا لم يجد بدا من التصريح فأما لو أغنى التعريض لحرم التفسير والتصريح، فإن ذلك ضروري والضروري مقدر بالحاجة. وفي الجزولي: ما يخالف بعض ما تقدم إن استشير جاز إن كان هناك من يعرف حال المسئول عنه وإلا وجب لأنه من باب النصيحة. الشيخ: ظاهر الكتاب أنه يذكر حاله إذا سئل عنه وإلا فهو غيبة والغيبة حرام. انتهى. نقله الحطاب.

وقال أبو علي: قال غير واحد من شيوخ القرويين وغيرهم: إن الغيبة في الفاسق لا تجوز، وحديث: لا غيبة في فاسق لم يصح. انتهى. وقوله: لأنه من باب النصيحة، أشار به إلى الحديث الذي عليه مدار الدين وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولرسوله وكتابه وعامة المسلمين وخاصتهم) (٥) انتهى.


(١) صحيح مسلم، كتاب، الطلاق، رقم الحديث، ١٤٨٠.
(٢) صحيح البخاري، كتاب الأدب، رقم الحديث، ٦٠٣٢.
(٣) كشف الخفاء، ج ٢ ص ٤٩٣. رقم الحديث، ٣٠٨١.
(٤) البخاري، باب (١٣)، لصاحب الحق مقال.
(٥) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، رقم الحديث، ٥٥.