للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن لم يقصد صدقه؛ يعني أن محل رجوع الفادي على المفدي إنما هو حيث لم يقصد التصدق عليه بالفداء؛ بأن قصد الرجوع أو لا قصد له، وأما إن قصد بالفداء الصدقة عليه فإنه لا يرجع بشيء، والقول قوله في قصد الصدقة وعدمه؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من جهته. ولم يمكن خلاصه بدونه؛ يعني أنه يشترط في رجوع الفادي على المفدي أيضا أن لا يمكن تخليصة إلا بالفداء الذي دفعه: فيرجع حينئذ بجميع ما دفعه، فإن أمكن تخليصه بدون شيء لم يرجع كبيت المال، فإنه إذا أمكن تخليصه به لم يرجع، وإن أمكن تخليصه بأقل مما خلصه به رجع بقدر ما يمكن أن يخلص به، فالصور ثلاث، مفهومه اثنتان ومنطوقه واحدة.

قال الرماصي: هذا القيد -يعني قول المص: ولم يمكن خلاصه بدونه- للخمي: وجعله ابن عرفة وابن بشير مقابلا، فجعل المؤلف له هنا، وفي التوضيح تقييدا للمذهب منتقد عليه، قال محمد بن الحسن: فيه نظر، والظاهر ما فعله المص تبعا لابن عبد السلام. إلا محرما، مستثنى من قوله: "ورجع"؟ يعني أن محل رجوع الفادي على المفدي بمثل المثلي وقيمة المقوم، إنما هو حيث لم يكن الفادي محرما من القرابة للمفدي، وأما إن كان محرما له فإنه لا يرجع عليه بشيء، وخرج بمحرم القرابة محرم الصهر والرضاع. أو زوجا؛ يعني أن الزوج إذا أسرت زوجته وفداها فإنه لا يرجع عليها بشيء، كما أن الزوج إذا أسر وفدته زوجته لا ترجع عليه بشيء، فالأسير المسلم إنما يرجع عليه حيث لم يكن زوجا ولا محرما، وإلا فلا، لكن بشرط أشار إليه بقوله: إن عرفه؛ يعني أن محل عدم الرجوع بالفداء على الزوج والمحرم إنما هو حيث عرف الفادي كلا منهما حين الفداء، وأما إن لم يعرف حين الفداء أنه زوج أو محرم ثم تبين بعد ذلك أنه زوج أو محرم فإن الفادي يرجع على المفدي، وأفرد المؤلف الضمير لأن العطف بأو.

وبعما قررت علم أن قوله: "إن عرف"، شرط في مسألتي المحرم والزوج، وقوله: إلا محرما أي وهو لا يعتق عليه، ولهذا قال: أو عتق عليه؛ يعني أنه يشترط في عدم رجوع الفادي على قريبه المحرم أحد أمرين أن يعرفه أو يكون ممن يعتق عليه.

والحاصل أن الفادي إذا كان زوجا للمفدي لا يرجع عليه بالفداء إذا عرفه حين الفداء، فإن فداه وهو لا يعرفه فإنه يرجع عليه بما فداه به، وأن الفادي إذا كان قريبا محرما للمفدي يرجع عليه