يلزمه فداؤه من بيت المال أو أن يجمع له ما يفديه به من ماله وفداه بقصد الرجوع فإنه يرجع أيضا، والظاهر أنه لابد من حلفه كما يرشد له قوله في باب الرهن:"وحلف المخطئ الراهن أنه ظن لزوم الدية ورجع"، ثم رجوعه بمثل المثلي إن كان المثلي عينا أي ذهبا أو فضة فواضح، وإن كان غيرهما أي كقمح رجع بمثله بمكان دفعه فيه كما قدمنا. وهذا صادق بما إذا كانت قيمته بمكان دفعه أكثر من قيمته بمكان قضائه وعكسه. انتهى. وقال في تقرير المص: ورجع المسلم الفادي أو المشتري المعين واحدا أو متعددا بغير علم الإمام على الأسير مسلما أو ذميا حرا أو عبدا، وفداء العبد كجنايته يخير سيده بمثل المثلي يدفعه للفادي في محل الفداء، فإن تعذر فقيمته بمحل الفداء. انتهى.
قال الشيخ بناني: قوله: وأجيب بأنه فيما إذا فداه الخ، هذا الجواب غير ظاهر؛ لأن العلم بأن الإمام لا يفديه لا يقتضي تقديم مال الأسير على بيت المال. وكذا يقال في الجواب الذي بعده، ولذا قال ابن رشد واللخمي: القياس أن لا يتبع المفدي بشيء. انظر كلامهما في المواق. وتأمله، وقوله:"بمثل المثلي"، مثله للباجي وابن بشير، وقال ابن عبد السلام: الأظهر المثل مطلقا؛ لأنه قرض. ابن عرفة: الأظهر إن كان الرجوع بقول المفدي: افدني وأعطيك الفداء، فالمثل مطلقا لأنه قرض، وإن كان بغيره فقول الباجي لأن السلعة المفدي بها لم يثبت لها تقرر في الذمة ولا التزامها قبل صرفها في الفداء، فصار دفعها هلاكها (١)). انتهى.
علي الملي، متعلق برجع؛ يعني أن الأسير إذا وجب للفادي عليه الرجوع فإنه يرجع على الملي بمثل المثلي وقيمة المقوم، يأخذ منه ذلك الآن. والمعدم؛ يعني أن الأسير المسلم إذا كان معدما فإن عدمه لا يمنع من الرجوع عليه، فهو كالملي إلا أنه يرجع عليه باتباع ذمته فينظره إلى ميسرته. ابن رشد: وأما من فدى أسيرا لا مال له بغير أمره، فالصحيح الذي يوجبه النظر أنه ليس له أن يتبعه بما فداه به؛ لأن ذلك إنما يتعين على الإمام وجميع المسلمين، وظاهر الروايات خلاف ذلك وهو بعيد. انتهى قاله الحطاب.