في شرطهم: من جاءكم، فإن قالوا: من جاءكم هاربا، فالظاهر أنه لا يجب رد الرسول، قال: وينبغي جريان القيد المتقدم في قوله: "كمن أسلم"؛ يعني القيد الذي قدمه في رد الرهائن منهم الذين أسلموا، وهو أن يكون عند العدو رهائن مسلمون وتوقف تخليصهم على رد أولئك. والله سبحانه أعلم.
إن كان ذكرا، شرط في المسألتين قبله؛ يعني أن ما ذكر من وجوب رد الرهائن الذين أسلموا ورد من أسلم وإن رسولا، محله في المذكور، وأما الأنثى فلا ترد ولو مع شرط ردها صريحا لقوله تعالى:{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}، ولعله إلا لمفسدة أعظم، وينبغي عدم الرد لعموم الآية ولو كانت عندهم مسلمة سافرت في جيش آمن وأسروها، وتوقف تخليصها على رد التي أسلمت. وانظر في الخنثى المشكل. قاله الشيخ عبد الباقي.
وقد تقدم كلام ابن شأس وابن العربي: أنه لا يوفى لهم بالشرط في رد من أسلم من الرهائن وغيرهم ذكرا كان أو أنثى، وقولُ ابن العربي: إن فعله صلى الله عليه وسلم خاص به.
وفدي بالفيء؛ يعني أنه يجب على المسلمين أن يفدوا من كان من المسلمين بأيدي الكفار، ومن رد إليهم ممن أسلم ومن الرهائن الذين أسلموا، ويجب على الإمام أن يبدأ في الفداء بالفيء أي بيت المال. ثم بمال المسلمين؛ يعني أنه إذا تعذر بيت المال أو تعسر أو قصر عما فيه الكفاية فإنه يجب كفاية أن يفدى من ذكر بمال المسلمين؛ أي من يمكن الأخذ منه من أهل قطره وهو كواحد منهم لا ما بعد جدا، قال في العتبية: يجب على المسلمين فداء أساراهم بما قدروا عليه، كما عليهم أن يقاتلوا حتى يستنقذوهم، وإن لم يقدروا على فداهم إلا بكل ما يملكون فذلك عليهم. ابن عرفة: ما لم يخش استيلاء العدو بذلك.
ثم بماله؛ يعني أنه إذا تعذر فداؤه من الفيء وأموال المسلمين فإنه يجب على من ذكر أن يفدوا أنفسهم بأموالهم؛ أي يجب على من له مال منهم أن يفدي نفسه بماله ويحرم عليه البقاء عندهم لظن جري أحكامهم عليه، قوله:"بمال المسلمين" أعاده مع تقدمه ليبين تأخيره عن الفيء وتقديمه على ماله، وقدم مال المسلمين لأنه يحملهم على قتال الكفار، وليس للإمام أن يلزم واحدا من المسلمين بذلك، وإنما عليهم بمقدار يسرهم، وقوله:"وفدي بالفيء"، هذه طريقة ابن