والثاني قوله:"وإن فرقت على الرقاب فهي لهم"، واثنان إذا بيعت يكون خراجها على البائع، وهما: ما إذا فرقت عليها أو عليهما معا. والله سبحانه أعلم. وفي شرح الشيخ عبد الباقي: وسكت عما إذا أسلم وتكون له أرضه وماله، سواء أجملت الجزية عليه أو فصلت على الرقاب أو الأرض أو عليهما.
وللعنوي إحداث كنيسة إن شرط؛ يعني أن الذمي العنوي له أن يحدث في أرض العنوة كنيسة في بلد العنوة المقر بها أهلها إن شرط؛ أي أذن الإمام لهم في ذلك بأن سأل العنوي الإمام ذلك فأجابه إليه، على هذا حمله غير واحد؛ لأن العنوي مقهور فلا يتأتَى منه شرط، قال الشيخ إبراهيم: فمراده بالشرط إذن الإمام أي بأن أذن الإمام له في ذلك. انتهى. وقال الشيخ بناني: ليس المراد بالشرط حقيقته؛ لأن الفرض أنهم مقهورون، وإنما المراد إن أعطوا ذلك وأذن فيه الإمام، وفهم من قوله:"إحداث كنيسة" تبقى لهم إن تركها المسلمون. قاله الشيخ إبراهيم وغيره.
وقال الإمام الحطاب: مذهب ابن القاسم على ما نقله ابن عرفة أنه يترك لأهل الذمة كنائسهم القديمة في بلد العنوة المقر بها أهلها، وفيما اختطه المسلمون فسكنوه معهم، وأنه لا يجوز إحداثها إلا أن يعطوا ذلك، وهذا هو المأخوذ من المدونة في كتاب [الجعل](١) والإجارة بعد تأمل كلامه وكلام شراحه. وقال عبد الملك: لا يجوز الإحداث مطلقا: ولا تترك لهم كنيسة وهو الذي نقله في الجواهر: وهو الذي رآه البساطي فاعترض على المؤلف فراجعه إن شئت، وعليه اقتصر في الإرشاد. انتهى.
وفي حاشية بناني: وما اختطه المسلمون عند فتحهم وسكنوه فليس لهم إحداث ذلك فيها إلا أن يكون لهم عهد فيوفى به. انتهى. وإلا فلا؛ يعني أنه إذا لم يشترط إحداث الكنيسة بأن لم يأذن فيه الإمام، فإنه لا يجوز للعنوي أن يحدثها أي لا يمكن من ذلك، قال الشيخ عبد الباقي: والذي عليه المحققون وتجب به الفتوى أنه لا يمكن العنوي من الإحداث مطلقا شرط أم لا. انتهى. قال الشيخ محمد بن الحسن: تبع في ما قاله البساطي وفيه نظر، بل الصواب ما عند
(١) في النسخ الحفظ والمثبت من الحطاب ج ٤ ص ١٨٦ ط دار الرضوان.