الأرض يكونون عبيدا للمسلمين، فلا يكونون أحرارا بإسلامهم، ولا يملكون مما بأيديهم شيئا؛ ولا فرق على هذين القولين بين ما اكتسبوه بعد الفتح وما كان بأيديهم قبله، والقول بأنهم أحرار لابن القاسم في سماع عيسى ويحيى، وقول ابن حبيب، وظاهر المدونة، وفي سماع سحنون: أنهم عبيد مأذون لهم في التجارة، ولابن المواز: أن ما اكتسبوه بعد الفتح لهم وما اكتسبوه قبله للمسلمين، واعترضه ابن رشد بأن إقرارهم إن كان عتقا فما بأيديهم لهم، وإلا لم يكن إسلامهم عتقا فلا تكون أموالهم لهم، لكن نقل الباجي قول ابن المواز وأقره، وجعله ابن يونس تفسيرا للمدونة، وإذا مات الذمي العنوي فإن كان له وارث ورثه وسئل عن ذلك أساقفتهم، وإن لم يكن له وارث فميراثه لبيت المال، وقوله: فالأرض فقط للمسلمين، مراده الأرض التي تكون وقفا بالفتح أي الأرض المتقدمة في قوله: وقفت الأرض، وأما الأرض التي اشتراها بوجه شرعي فهي كماله، فإن قيل: ما ذكر من أن ماله حيث لا وارث له كالأرض يكون للمسلمين، مخالف لقوله في الفرائض:"ومال الكتابي الحرّ المؤدي للجزية لأهل دينه من كورته"، فالجواب أن ذلك في غير العنوي جمعا بين الموضعين. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله:"وإن مات أو أسلم"، الأولى الإتيان بالفاء بدل الواو لأنه مفرع على القول بالحرية.
والحكم في الصلحي. أي الذمي الصلحي إن أجملت الجزية بالبناء للمجهول، فلهم أرضهم، يعني أن حكم الأرض والمال في أهل العنوة هو ما عرفت، وأما الذمي الصلحي فإن الأرض تكون لهم إذا كانت الجزية مجملة على البلاد بما حوت من أرض ورقاب من غير تفصيل لا يخص كل شخص ولا ما يخص الرقاب من الأرض فلهم بيعها، ولا يزاد في الجزية بزيادتهم ولا ينقص بنقصانهم، ولا يبرأ أحد منهم إلا بأداء الجميع لأنهم حملاء.
وبما قررت علم أن الشرط وجوابه خبر مبتدأ مقدر؛ أي والحكم في الصلحي الخ. والوصية بمالهم؛ يعني أن أهل الصلحية المجملة على الأرض والرقاب معا لهم الوصية بمالهم كله، وإن لم يكن لمن مات منهم وأوصى وارث. وورثوها؛ يعني أن أهل الجزية الصلحية المجملة على الأرض والرقاب معا يرثون الأرض عمن مات منهم، ومن مات منهم بلا وارث فلأهل دينه، وكذا