للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيئا إن عجزوا عن البينة لدعواهم ما لا يشبه لإقبالهم من أرض الشرك، ولو ادعوا ما يشبه لم يستحلفوا، وسقط اليمين عن المأمونين لأنها دعوى عداء. نقله الإمام الحطاب.

وسكت المص عما يؤخذ من كبار الذميين المضروب عليهم الجزية التجار، والحكم أنه يؤخذ منهم العشر إن قدموا إلينا وباعوا أو اشتروا، خلافا لقول ابن حبيب: يؤخذ منهم عشر ما قدموا به بمجرد وصولهم، وعلى الأول فإن قدموا بعرض وباعوه بعين أخذ منهم عشر الثمن، وان قدموا بعين واشتروا بها عرضا أخذ عشر العرض على المشهور لا عشر قيمته، وإن قدموا بعرض واشتروا به عرضا آخر فعليهم عشر عين ما اشتروه، ولا يتكرر عليهم الأخذ بتكرر بيعهم وشرائهم ما داموا بأفق واحد كما في المدونة والموازية، فإن باعوا بأفق [كالشام أو العراق أو الحجاز] (١)، واشتروا بآخر كمصر أو اليمن أخذ منهم عشر في الأول والثاني، كما أنه يتكرر الأخذ منهم إن قدموا بعد ذهابهم لبلدهم ولو مرارا في سنة واحدة، فيؤخذ منهم كلما قدموا وباعوا واشتروا، خلافا لقول الشافعي وأبي حنيفة: إنما تؤخذ مرة في العام وإن تكرر مجيئهم فيه، ثم وجوب العشر فيما مر إن لم يحملوا الطعام لمكة والمدينة والقرى المتصلة بهما، وإلا فنصفه فقط، واختلف هل الراد بالطعام جميع أنواعه أو ما عدا القطاني فعشر؟ ومقتضى ابن ناجي ترجيح الأول، والتوضيح ترجيح قصره على الحنطة والزيت، والحربي المؤمن في العشر ونصفه كالذمي، لكن يفترقان في أمرين، أحدهما: أن الحربي يؤخذ منه بمجرد وصوله، بخلاف الذمي فإنه لابد من بيعه وشرائه بعد وصوله عند ابن القاسم خلافا لابن حبيب كما مر، ثانيهما: أن الذمي إذا باع بأفق ثم اشترى بآخر يتكرر عليه العشر كما مر، بخلاف المؤَمَّن فإنه إنما عليه عشر واحد ونصفه بوصوله ولو باع بأفق واشترى بآخر؛ لأن أمان الحربي عام في كل أفق من بلاد الإمام المؤمن، فجميع بلاد الإسلام كبلدة واحدة بالنسبة له، بخلاف الذمي لعدم احتياجه لأمان لكونه تحت ذمتنا.

ابن ناجي: مقتضى الروايات أن أفقه محل أخذ جزيته وعمالاتها، وفي المدونة: الشام والمدينة أفقان. انتهى ملخصا من شرح الشيخ عبد الباقي وحاشية الشيخ بناني.


(١) في النسخ كالشام والعراق والحجاز والمثبت من عبد الباقي ج ٣ ص ١٤٤.