للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لترجمانه: أما الجزية فقد عرفتها، فما قوله: وأنت صاغر؟ وقد سألوا عن الجزية، قال: تؤخذ منكم الدراهم والتراب على رءوسكم. قاله التتائي. وينبغي استحضار ما جبلوا عليه من بغضنا وتكذيب نبينا، وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلونا واستولوا على دمائنا، وما أحسن قول الطرطوشي وقد دخل على الخليفة بمصر ورءاه سلم قياده لوزيره يونس الراهب، ونفذ كلمته المشئومة حتى في الطرطوشي فرءاه الطرطوشي رحمه الله تعالى مغضبا عليه فأنشده:

يا أيها الملك الذي جوده … يطلبه القاصد والراغب

إن الذي شرفت من أجله … يزعم هذا أنه كاذب

وذكر العلقمي بدل البيت الأول:

يا ذا الذي طاعَتُه قربة … وحقه مفترض واجب

فغضب الخليفة عند سماع ذلك وأمر بسحب الراهب، فسحب وضرب وقتل، وأقبل على الطرطوشي بعد أن كان عزم على إذايته، وقوله: "مع الإهانة"، جعله الشبراخيتي صفة لمال أي مال كائن مع الإهانة، ويظهر أنه متعلق بتؤخذ مقدرا؛ أي تؤخذ كل منهما مع الإهانة عند أخذها.

وسقطتا بالإسلام يعني أن الجزيتين العنوية والصلحية تسقطان عمن ضربتا عليه بالإسلام، ولو كان في ذمته جزى سنين ولو ظهر منه التحيل على إسقاطها ولو كان موسرا ترغيبا له في الإسلام، وكذا تسقط بالموت وبالترهب الطاري عند ابن القاسم خلافا للأخوين كما مر، وانظر هل تسقط بهما المتجمدة مع اليسر أم لا؟ وتسقط أيضا بالفقر والجنون، وانظر هل حتى المتجمدة فلا يطالب بها إن عقل أو استغنى بما قبل سنة جنونه أو فقره؟ أو يطالب وهو الظاهر؛ لأنهم لم يعدوا ذلك فيما يسقط ما وجب منها، وسقوطها بالترهب مقيد بترهب لا جزية معه.