قليا، أو كثيرا، قال عبد الباقي والشبراخيتي: فلو لم يرض الإمام فله مقاتلته، ولو بذل أضعاف ما بذل العنوي وهذا هو المذهب، وبهذا يعلم أن قوله:"والظاهر إن بذل الأول" مقابل لهذا، وسيأتي البحث معهما. وإن أطلق فكالأول؛ يعني أن الصلحي إذا أقر على الجزية من غير تعيين لقدر فإنه يكون كالأول أي العنوي، فتؤخذ منه أربعة دنانير أو أربعون درهما.
والظاهر إن بذل الأول حرم قتاله؛ يعني أن ابن رشد استظهر من عند نفسه أن الصلحي إذا بدل أي أعطى القدر الأول أي الذي مر أنه يضرب على العنوي، فإنه يحرم قتاله في سنة البذل وغيرها، فحقه أن يعبر بالفعل لأنه من عند نفسه وقد علمت ما مر عن عبد الباقي والشبراخيتي من أن هذا ضعيف مقابل لما مر من أن الصلحي عليه ما شرط ورضي به الإمام، قال محمد بن الحسن: فيه نظر، والصواب أن ما لابن رشد تقييد لما قبله الذي هو نص ابن حبيب، ولذا اعتمده المؤلف ولا معنى لإطلاق ابن حبيب مع قوله تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} الآية. والله أعلم. انظر المواق. ولعبد الباقي هنا فرع هو عين فرع المص، وليس بزائد عليه كما يوهمه والله سبحانه أعلم.
مع الإهانة عند أخذها؛ يعني أنه يجب عند أخذ الجزيتين العنوية والصلحية الإهانة أي الإذلال لهم، لقوله تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، عن يد أي استعلاء منكم عليهم أو نقدا يدا بيد أو بأيديهم ولا يرسلون بها، وصاغرون ماشون كارهون. قاله ابن عباس وسلمان. مذمومون غير محمودين ولا مأجورين، وهو أنه إذا أداها صفع في قفاه، ويؤخذ من كلامهم عدم قبول النائب في ذلك؛ لأن المقصود حصول الإهانة والإذلال لكل واحد بعينه عسى أن يكون ذلك مقتضيا لرغبتهم في الإسلام، وقال المغيلي: ومن صفة ذلك أي إهانتهم عند أخذها أن يجمعوا يوم أخذها بمكان مشتهر كسوق، ويحضروا فيه قائمين على أقدامهم وأعوان الشريعة فوق رؤوسهم بما يخوفهم على أنفسهم حتى يظهر لهم ولغيرهم أن مقصدنا منهم إظهار ذلهم لا أخذ أموالهم، ويرون أن الفضل لنا في قبولها منهم وتركهم، ثم يجذب كافر بعد كافر لقبضها، ويصفع على عنقه ويدفع دفعا كأنما خرج من تحت السيف:{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}. وعن المغيرة بن شعبة أنه قال لرستم: تعطي الجزية عن يد وأنت صاغر،