وحمل له إن كان خيرا؛ يعني أن المعين إذا كان غائبا فإنه يحمل إليه ما عرف أنه له إن كان حمل شيئه له بعينه خيرا له من بيعه وعليه كراؤه. وإلا بيع له؛ أي وإلا بأن لم يكن حمل ما عرف للمعين خيرا له من بيعه، بل كان البيع خيرا له أو استوت مصلحة بيعه وحمله، فإنه يباع لأجل ربه المعين ويدفع ثمنه له، فاللام في قوله:"له" للتعليل، أو بمعنى على.
وبما قررت علم أن قوله:"وحمل له" الخ، قسيم قوله:"معين"، باعتبار شيء مقدر؛ أي وأخذ معين إن حضر وحمل له إن غاب. انظر الشبراخيتي.
وبما قررت علم أيضا أن قوله:"وحمل له إن كان" الخ، معناه أنه يدفع له بغير يمين، فتحصل من هذا أنه إن حضر ولم يكن إلا مجرد دعواه إنما يأخذه بيمين، وأنه إن غاب يحمل إليه أو يباع له ويأخذ بغير يمين. والله سبحانه أعلم. هذا هو تحرير المسألة. والله سبحانه أعلم. وقوله:"بيع له"؛ أي وأنفذ الإمام بيعه وليس لربه غير ثمنه، وقوله:"له"، قد مر أن اللام للتعليل أي لأجل إيصال الثمن إليه لا صلة لبيع؛ لأن الشيء لا يباع لمالكه، قال الشبراخيتي: وأحسن من جعلها للتعليل جعلها بمعنى على؛ أي بيع عليه. انتهى.
ولم يمض قمسه؛ يعني أن الإمام إذا قسم على المجاهدين ما عرف لعين سواء كان حاضرا أو غائبا: فإن ذلك القسم لا يمضي بل يرد ويأخذ المعين شيئه بلا ثمن لأنه قسم وهم يعلمون ربه العين فلا يفوته القسم إلا لتأول؛ يعني أن محل إبطال القسم المذكور إنما هو حيث لم يتأول الإمام، وأما إن تأول بأن أخذ بقول الأوزاعي: إن الحربي يملك مال المسلمين فإن القسم يمضي حينئذ، وما قاله الأوزاعي مثله رواه ابن وهب عن مالك، وإذا مضى القسم بالتأويل المذكور فلا يأخذه ربه إلا بالثمن، وإنما مضى مع التأويل لأنه حكم بمختلف فيه، ولم يمض القسم المذكور تعمدا أو جهلا؛ لأن حكم الحاكم جهلا أو قصدا للباطل يجب نقضه وإن وافق قول عالم؛ لأن حكمه كذلك باطل إجماعا، وما ذكروه في الأقضية من أن الحاكم إذا حكم بمختلف فيه أو وافق حكمه قول عالم فإنه حكمه ماض، في الجاهل الذي يشاور العلماء. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله:"إلا لتأول"، هو اختيار الأشياخ وهو الأصل. قاله ابن عبد السلام.