ثم نقل عن ابن عبد السلام قول المص ثبت مخالف لعبارة أهل المذهب في هذه المسألة، وهي قولهم: فإن عرف ربه، ولفظ الثبوت إنما يستعملونه فيما هو سبب الاستحقاق كالشاهدين وما يقوم مقامهما، ولفظ المعرفة والاعتراف وشبههما يستعملونه فيما سوى ذلك وفيما يشمل البينة أو ما دونها، ومنه استعمالهم لفظ المعرفة في اللقطة ومعرفة العفاص والوكاء. انتهى.
وقال الشيخ إبراهيم: وذكر ابن عرفة عن المازري ما يوافق ما ذكره ابن الحاجب، وأشار إلى الاعتراض على ابن عبد السلام، وقوله:"وإن ذهبا"، أشار به لقولها ما أدركه مسلم أو ذمي من ماله قبل قسمة أخذه بغير شيء. انتهى. وقوله:"ما عرف له"، يشمل المدبر والمعتق لأجل والمكاتب فيأخذ كلا ربه ولا تسلط للجيش على خدمة الأولين ولا على كتابة الثالث، وشمل قوله:"معين" من عين بشخصه ومن عين بجنسه كما لو غنمت سرية من المسلمين من العدو ثم غنم العدو غنيمتهم ثم غنمت سرية أخرى من المسلمين ما غنمه العدو من السرية الأولى، فإنها ترد للسرية الأولى ولا تخمس مرتين. كما قاله ابن عرفة. نقله الشيخ إبراهيم.
وقوله: معين سيذكر المص غير المعين. ابن عرفة: وفي أخذ ربه إن حضر بموجب الاستحقاق طرق، مقتضى نقل اللخمي عن المذهب ومحمد حملَه للغائب عدمُ يمينه. المازري: كالاستحقاق في إثبات ملكه ويمينه. ابن بشير: في وقفه عليه وأخذه إياه بمجرد دعواه مع يمينه قولا ابن شعبان: والتخريج على مالك الغنيمة بالقسم لا قبله. انتهى. قال الإمام الحطاب: فقول المص "عرف"، يقتضي أنه عدل عن طريق ابن الحاجب، وقوله: وحمل له، يقتضي أنه ماش على طريق اللخمي، وقوله: وحلف أنه ملكه، يقتضي أنه مشى على طريقة ابن بشير. ويمكن أن يجمع بين كلامه بأن يحمل قوله: وحلف أنه ملكه على ما إذا لم يكن إلا دعواه كما قال ابن بشير. فتأمله. انتهى. قال الشيخ بناني: وما حمله عليه ظاهر إذ لو حملناه على ظاهره من الحلف مطلقا مع عدم اشتراطه الثبوت كان مخالفا للطرق التي ذكرها ابن عرفة كلها. فتأمله. واعلم أن ابن شعبان يشترط مع اليمين الثبوت بموجب الاستحقاق. قاله الشيخ بناني.
وحلف: أنه ملكه؛ يعني أن المعين المذكور إذا كان حاضرا ولم يكن إلا مجرد دعواه فإنه لا بد في استحقاقه لما عرفه من أن يحلف أن هذا المال الذي وجد في الغنيمة باق على ملكه.